خلق مستشار قضائي الحدث في المغرب، حين أصدر حكم استعجالي عن المحكمة الإدارية في الرباط، يُمكّن سيدة مطلقة من رفع السرية عن الحساب البنكي لطليقها لمعرفة وضعيته المالية الحقيقية بهدف تحديد قيمة النفقة.
وكان وراء هذا الحكم المستشار محمد السيمو الذي عمل بمبدأ تغليب "المصلحة الفضلى للطفل"، على سرية المعطيات الشخصية داخل المحاكم، وحظي هذا الحكم الجريء الذي اعتبر اجتهاداً قضائياً ينصف المطلقة وأطفالها، بمتابعة واسعة، وخلّف ارتياحاً لدى عدد من الحقوقيين واعتبروه مدخلاً لتأصيل هذا الاجتهاد حتى يصبح مرجعاً في قضايا مماثلة.
وتعليقاً على هذا الحكم، قالت الأستاذة زهور الحر وهي قاضية سابقة ومحامية: "إن مدونة الأسرة تتضمن مثل هذه الأحكام والقرارات، لكن قضاة المملكة يحجمون عن النطق بها في الملفات التي ثبت فيها تهرب الطليق من أداء نفقة كاملة وفق ما في حوزته من ممتلكات وأموال ومدخرات".
ويُشار إلى أن مدونة الأسرة التي اعتبرت ساعة إقرارها منذ أكثر من 12 سنة، اعتبرت مكسباً مهماً وإنصافاً للمرأة في العديد من المجالات المتعلقة بالأسرة الصغيرة، إلا أن التطبيق الفعلي لمضامين النصوص حال دون فرحة الكثيرات بمدونة خاصة المسطّرة المتعلقة بالنفقة وتداعيات المشاكل المادية والمعنوية التي تعاني منها الزوجة بعد حصول الطلاق.
إذ من بين الإشكالات المطروحة على هذا المستوى، مسألة تقدير النفقة من طرف المحكمة، حيث تؤكد المادة 190 من مدونة الأسرة على أن المحكمة تعتمد في هذا التقدير على تصريحات الطرفين وحججهما ولها أن تستعين بالخبراء، إلا أن الواقع يبين على أن المحاكم أمام تراكم أعداد هائلة من الملفات لا تقوم بهذا المجهود، مكتفية بالوثائق التي يدلي بها الأطراف والتي قد تكون أدلة غير حقيقية، كالشواهد بعدم عمل الأزواج التي يسهل الحصول عليها.
ويأتي هذا الحكم الذي يُعتبر سابقة في الأحكام القضائية، ليفتح الباب أمام المطلقة لمعرفة حقيقية الوضعية المالية للزوج، وفي ذلك حسب المتتبعين إنصاف للمرأة المطلقة وأبنائها.