بفستان انيق من الحرير الأبيض يزينه حزام ذهبي خفيف على الخصر، أطلت المخرجة اللبنانية نادين لبكي، كعروس مشرقة وبهية على السجادة الحمراء، في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته السابعة عشر ، ليلة عرض فيلمها "كفر ناحوم". وجذبت إليها الأنظار وعدسات المصورين، وتهافت عليها الصحافيون، الذين أثنوا على المستوى الجيد لهذا الفيلم الحائز على جائزة التحكيم في مهرجان كان السينمائي الدولي في نسخته ال71 في مايو الماضي من هذه السنة،حيث أن المنظمين حرصوا على تقديم عرض خاص للصحافة قبل العرض الذي قدم ضمن العروض الخاصة لجمهور المهرجان وضيوفه من العالم.
واستقبلت لبكي، بالتصفيق المدوي، من قبل حضور سينمائي وازن، وجمهور عريض، وهي تصعد منصة قاعة الوزراء بقصر المؤتمرات لتقديم فيلمها. وقالت:" هذا فيلم صغير أنجزناه في المنزل، لقد أخذ منا وقتاً طويلاً لانجازه، هو فيلم يسلط الضوء على معاناة الأطفال المشردين، فلسطينيون كانوا أو سوريون أو لبنانيون أو أفارقة، أو أياً كانت جنسيتهم، لم يعد بإمكاننا أن ندير ظهرنا إلى مأساتهم، أنا أحس بهم، لكن لا حل بيدي، علينا أن نفكر في الحل معا". وبدت نادين مبتهجة وهي تقدم فيلمها بمراكش، التي قالت عنه أنه فال خير عليها، بعد أن وصلها خبر ترشح الفيلم لجائزة الغولدن غلوب في فئة أفضل الأفلام الأجنبية .
وحصد الفيلم إعجاباً مبهراً، واعتبر من أجمل الأفلام التي عرضت خلال الدورة 17 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، وإن كانت خارج المنافسة.
نادين لبكي لـ"سيدتي نت": فيلم "كفرناحوم" غيّر حياتي وهذا ... - مجلة سيدتي
الفيلم يشد المشاهد من اللقطة الأولى التي يظهر فيها الطفل "زين" في المحكمة، يرفع دعوى ضد أبويه لأنهما أنجباه، وحين سأله القاضي، هل تعرف لماذا أنت هنا؟ فيرد بجملة قوية تلخص تداعيات الفقر والبؤس والتهميش والحروب واللجوء ومعاناة أطفال الشوارع :" بدي أشتكي على أهلي، لأنهم خلفوني". فالمخرجة اللبنانية قدمت فيلما مثقلا بالمآسي الاجتماعية، من زاوية ورؤية الأطفال لواقع مر والأفق المغلق، لدرجة يطلب معها الطفل "زين" من القاضي أن يمنع والديه من الإنجاب مجددا لأنهما يفتقدان حس المسؤولية وفقر حتى في العاطفة الأبوية. وكأنه بذلك يوجه رسالة مفادها:" لا تخلفوا إن كنتم غير قادرين على تحمل مسؤولية توفيرا لعيش الكريم لأبنائكم".
هو فيلم يحكي عن الوضع الحالي المزري الذي تعيشها فئة واسعة من سكان لبنان وحتى العالم العربي ، واللاجئين السوريين، كما يتطرق إلى زواج القاصرات ومعاناة الأمهات العازبات المقيمات بطرق غير قانونية بلبنان وأيضا الاتجار في البشر.
ولنقل هذا الوضع السوداوي والمقلق، اختارت لبكي، عن قصد، أن يكون أغلب الممثلين في الفيلم غير محترفين، حتى تكون، كما تقول، خطوط التصوير عفوية، وتأثيراتها واقعية لحد كبير. وقد توفقت في ذلك إلى حد كبير، جعلت النقاد يقولون بأن نادين لبكي، أثبتت من خلال أفلامها، أنها تدشن لسينما لبنانية وعربية جديدة، ستعيد لهذه السينما مكانتها وتأثيرها الخاص على وجدان المتفرج كيفما كان انتمائه لأن نادين استطاعت أن تهز بفيلمها كل المشاعر الانسانية وتمنح لفيلمها بعدا كونيا.