هناك قُضاة عاديون وتقليديون، يجيدون عملهم جيداً، ولكنهم يبقون ملتزمين بالقوانين الواضحة أمامهم، وهناك قُضاة آخرون، يفكرون خارج الصندوق تماماً، ومن الممكن اعتبارهم أنهم أشخاص فهموا القانون بشكل خاص وإبداع أوسع من النوع الأول من القُضاة، لذلك هم يعرفون تماماً كيف وما هي الأحكام التي سيصدرونها على الجناة والمخالفين بما يتناسب مع ما اقترفت أيديهم.
وجسّد قرار قضائي أصدرته إحدى محاكم ولاية «ميزوري» الأميركية، ما ذكرناه سابقاً بحذافيره، وذلك بعد أن أصدرت عقوبة قانونية غاية في الغربة، بحق صيّادٍ غير شرعي للغزلان؛ إذ حكمت عليه بمشاهدة فيلم الرسوم المتحركة الكلاسيكي «بامبي Bambi»، الذي أنتجته شركة «والت ديزني» الشهيرة خلال العام 1942، والذي يحكي قصة غزال صغير اسمه «بامبي» يولد في الغابة، وصار صديقاً لجميع الحيوانات فيها، وتموت أمه على أيدى الصيادين، وعقب اندلاع حريق في الغابة، يقوم «بامبي» بإنقاذ أصدقائه والهروب من الصيادين وبنادقهم.
فيلم الرسوم المتحركة «بامبي»:
https://www. youtube. com/watch?v=VztpFge0TKs
هذا الحكم القضائي، الذي كان بمثابة عذاب بالنسبة لصياد غزلان، كان جزءاً من مدة العقوبة التي حُكم بها على خلفية اتهامه باصطياد وقتل مئات الغزلان في الولاية الأمريكية بشكل غير قانوني، بالإضافة إلى غرامات مالية وصلت لـ50 ألف دولار، وعليه فقد تلقى الصياد «ديفيد بيري»، أمراً بمشاهدة الفيلم على الأقل مرةً واحدةً في الشهر خلال السنة التي سوف يقضيها في السجن، في ما أطلق عليها وكلاء المحافظة على الموارد البيئية واحدة من أكبر جرائم الصيد غير الشرعي للغزلان في تاريخ الولاية، وذلك بحسب ما ذكره تقرير نشرته صحيفة «ذي غارديان The Guardian» البريطانية.
ووفقاً لما نقله موقع «عربي بوست» عن الصحيفة البريطانية، فقد قال «دون تروتر»، وهو محامي الادعاء بمقاطعة «لورينس» الواقعة جنوب غرب الولاية «ميزوري» الأمريكية: «لقد كانت الغزلان بمثابة جوائز يقتنصها بغير وجه حق، خلال ظلمات الليل في معظم الأحيان؛ طمعاً برؤوسها، وكان يترك أجساد الغزلان تتعفَّن في الغابة».
وعلى الرغم من أنه تم الحكم على كل من «ديفيد بيري» ووالده وشقيقيه، ورجلٍ آخر ساعدهم بإبطال رخصِهم في صيد الحيوانات والأسماك والصيد بالأفخاخ بصورةٍ مؤقتة أو دائمة، وإلزام كل واحد منهم بدفع غراماتٍ بقيمة 51 ألف دولار أمريكي، إلا أن القاضي «روبرت جورج»، كان قد أمر بأن يُضاف عقوبة خاصة لـ«بيري» تحديداً على الحكم الذي صدر بحقه، وهو أن يُجبر على مشاهدة فيلم الرسوم المتحركة «بامبي Bambi»، جرّاء قيامه بقتل الحيوانات البرية بصفة غير قانونية؛ إذ ستكون أولى المشاهدات للفيلم يوم 23 كانون الأول / ديسمبر 2018، على أن يستمر بمشاهدته لمرة واحدة على الأقل في كل شهر خلال مدة العام التي سيقضيها بالسجن.
مصائب «ديفيد بيري» لم تتوقف على عقوبة السجن ومشاهدة فيلم «بامبي»؛ إذ إنه في الوقت نفسه كان قد تلقى حُكماً بالسجن لمدة 120 يوماً أخرى، في مقاطعة «بارتون» القريبة من مقاطعة «لورينس»، وذلك لقيامه بانتهاك فترة المراقبة التي كان خاضعاً لها، بالإضافة إلى حيازته أسلحة نارية.
ومن الجدير بالذكر أن فيلم «بامبي» الذي أنتجته «والت ديزني» خلال العام 1942، رشحه معهد الفيلم الأميركي ضمن قائمة أفضل 10 أفلام كلاسيكية في البلاد، وهو حاصل على ثلاث جوائز أوسكار. وفيلم «بامبي» للمخرج الأمريكي «دافيد هاند»، وكان قد ابتكر شخصية هذا الغزال الظريف والشجاع، المؤلف النمساوي «فيلكس سالتي» في العام 1923، ولاقت رواجاً عالياً وحققت أعلى المبيعات ثم تحولت إلى فيلم كرتون.