رغم الوضع الاقتصادي المتنامي الذي تشهده السوق السعوديَّة يوماً بعد يوم وفي جميع المجالات، واستيعابها لأكبر قوة بشريَّة عاملة في العالم، إلا أننا نلاحظ بالمقابل ازدياد هجرة الشباب السعودي إلى العمل بالخارج، وفي دول يعد اقتصادها أقل من السعوديَّة، ما دفع كثيراً من الاقتصاديين وأهل تلك الدول إلى البحث والسؤال عن دوافع هجرة الشباب السعودي؟
«سيدتي» التقت عدداً من الشباب السعودي المهاجر؛ لتتعرف من خلالهم إلى أسباب هجرة الشباب السعودي وإصرارهم على العمل خارج أوطانهم.
رؤى شصلي «30 عاماً» متزوجة وأُم، وخريجة علم اجتماع، حصلت على العديد من الدورات في العلاقات العامَّة والإتيكيت، وهي تعمل الآن معدَّة برامج في إحدى القنوات التلفزيونيَّة، أوضحت أنَّها انتقلت للعيش في دبي مع زوجها، واستغلت وجودها بالبحث عن فرصة عمل من السهل العثور عليها في بلد مثل دبي، حيث الفرص الوظيفيَّة متساوية، وكما تقول: في بلدي لا أستطيع حتى الذهاب إلى السوق بمفردي؛ لكن ما يجعلني أحنُّ إلى بلدي هم أهلي، كما أنَّني أقلق على طفلتي التي أرغب بأن تنشأ نشأة دينيَّة، وفي الوقت نفسه تحافظ على لغتها؛ لذا قررت أن ألحقها بمدرسة تهتم بالجانبين معاً.
الحريَّة أشعرتني بقيمتي
أما سحر الشمراني «33 عاماً» فقالت: كنت أعمل في أرامكو مساعدة طبيب أسنان قسم جراحة العمليات، وأكملت دراستي في مجال إدارة الأعمال، ثم تزوجت وانتقلت مع زوجي إلى دبي، وبقيت عامين من دون عمل؛ حتى أتفرغ لدوري كزوجة وأُم، إلى أن أتتني فرصة للعمل، لكن في مجال مختلف تماماً، وهو العمل معدَّة في أحد البرامج، والآن أنا أشعر بكياني، وأعتمد كلياً على نفسي، ولست بحاجة إلى من يرافقني من أجل استخراج الأوراق أو المعاملات، ومع اختلاف الثقافات تعلمت الكثير. ومن هنا كانت رحلتي إلى القطب الجنوبي، ورغم تباين الثقافات إلا أنني أربي طفلتي كما تربيت أنا.
بيئة عمل مغايرة
وقال عبد الرحمن العصيمي «27 عاماً» بكالوريوس إعلام، تخصص إذاعة وتلفزيون من جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، ويعمل حالياً بتلفزيون قناة العربيَّة: أتيت إلى دبي في عام 2011، وقبلها عملت في مكتب صحيفة الجزيرة السعوديَّة نحو عامين، لكن في دبي وجدت بيئة عمل مُغايرة تماماً عن السعوديَّة.
مجتمع غير طموح
أما خالد المالكي «45 عاماً» بكالوريوس أدب إنجليزي، يعمل في مجال للدعاية والإعلان فقال: تركت السعوديَّة في عام 1996، وكنت أطمح إلى تحقيق ذاتي بمقاييس عالميَّة، فبحثت عن المنافسة وسط مختلف الجنسيات والكفاءات، وقبلت العمل بأجور زهيدة ووظيفة لا تتناسب مع مستواي العلمي، ورغم معاناتي الكبيرة، إلا أنَّها كانت سبباً في صقل شخصيتي، وعلى الأقل ابتعدت عن مجتمعي الذي لا يجرؤ أفراده على الطموح والتفوق في أي مجال على مستوى عالمي، لذلك مازلت أعتقد أنَّ جميع مشاكل مجتمعنا ناتجة عن نقص في إدراكنا لأهميَّة بناء شخصيَّة المواطن السعودي؛ لكي نتمكن من الارتقاء إلى مصاف شعوب العالم المتقدم، والآن أنا أعمل في دولة قطر، وأشعر بأنَّني بين أهلي أمارس حياتي بما يتناسب مع قناعاتي، فلا شيء يحد من طموحاتي، وأصبحت خبيراً عالياً في مجالي.
الرأي الاجتماعي
الاختصاصيِّة الاجتماعيَّة سحر رمضان، أوضحت أنَّ تطلع الشباب إلى الأفضل واحتكار الوظائف وعدم توافرها بصورة عادلة بما يتناسب مع كفاءتهم، وإحساسهم بأفضليَّة الكادر الأجنبي، كل ذلك كان سبباً في تحريضهم على الهروب وترك وطنهم، والبحث عن مكان يوفر لهم ما يتطلعون إليه.
الرأي الاقتصادي
الدكتور والمحلل الاقتصادي سالم باعجاجة، أوضح أنَّ هناك فجوة كبيرة بين سوق العمل وطالبي الوظيفة، ويعود ذلك إلى عوامل عديدة، منها المحسوبيَّة في التعيين والوظائف، وعدم الثِّقة في الكادر السعودي، ويتضح ذلك في الاستعانة بالكادر الأجنبي صاحب الأجر المرتفع جداً مقارنة بأبناء الوطن، إضافة إلى وجود تخصصات جديدة لا يستوعبها سوق العمل لدينا، ولا توجد فرص وظيفيَّة لها، ما دفع البعض إلى العمل في مجال مختلف تماماً عن تخصصه الأكاديمي وبمرتبة أقل من التي يستحقها، فلجأ إلى السفر والبحث عن فرصة وظيفيَّة خارج حدود الوطن.
وزارة العمل: السعودية منطقة جذب
الدكتور محمد الأسمري، مستشار وزير العمل، أكد أنَّ المبادرات التي تطرحها الوزارة من أجل توطين الشباب في الوظائف، خاصة بعد تأهيل الشباب السعودي، سواء من خريجي الجامعات أو المبتعثين، وبالفعل هذه البرامج حققت نتائجها بالنظر إلى انخفاض نسبة البطالة بين الذكور في السعوديَّة للمرة الأولى منذ عشرين عاماً.
وفيما يتعلق بهجرة الشباب السعودي أوضح الأسمري بقوله: لا أعتقد أنَّ الهجرة التي نلحظها وصلت إلى حدِّ الظاهرة، والسعوديون الذين يعملون بين دول مجلس التعاون ما شجعهم على ذلك توحيد أنظمة التأمينات التي تتيح لهم ذلك، والسعودية هي إحدى أهم مناطق الجذب في العالم، وبالتالي لا أعتقد أنَّ هناك هجرة للخارج، وإنما هناك هجرة إلى السعوديَّة.
ماذا وراء هجرة الشباب السعودي؟
- أخبار
- سيدتي - زهراء الخالدي
- 17 أغسطس 2013