قوبل قرار وزارة التعليم السعودية بإعادة تدريس مادة الإملاء والخط العربي، وبدء تدريس مواد الفلسفة ومبادئ القانون والثقافة المالية بترحيب كبير من قِبل التربويين والطلاب وكل مَن له علاقة بالعملية التعليمية من أولياء أمورٍ ومهتمين بتطوير التعليم، واعتبروه نقلة نوعية للتعليم في السعودية.
معالجة تدني مستوى الطلاب
أشار الأستاذ سلطان علي الطيار، وكيل مدرسة حجر بن عدي الابتدائية في الرياض، والحاصل على الماجستير في أصول التربية، إلى أن قرار عودة تدريس مادة الإملاء والخط، جاء ليعالج ما نشاهده على أرض الواقع من تدهور كبير في مستوى بعض الطلاب لغوياً، وقال: "في السابق، كانت هذه المادة مدمجة في كتاب واحد، وهو كتاب لغتي، وبالتأكيد وجودها في كتاب واحد يقلِّل من الاهتمام بها. أما بعد قرار إعادتها وإفرادها في كتاب واحد مستقل، فسيزداد الاهتمام بها من قِبل الجميع، خاصةً أن هذه المادة ستخضع لنظام الرسوب والنجاح".
قرار منتظر
لا يستقيم إملاءٌ بلا خط مقروء، ولا يحبذ رؤية خط جميلٍ مكسَّر الإملاء. هذا ما أكده التربوي عبدالغني العمري، قائد مدرسة أهلية ثانوية في الرياض، في بداية حديثه، وقال: "نعلم جيداً أهمية انعكاس الأمر على نفسية الطالب حينما يتقن هذه الفنون الجميلة. وسينعكس ذلك إيجاباً أيضاً على المعلمين الذين عانوا في السنوات الماضية من خطوط طلابهم بسبب ضعف مادة الإملاء في منهج لغتي، وإلغاء مادة الخط العربي، والحمد لله اهتمامنا بلغتنا بدأ يعود بجدية بعد أن أصبحت المطالبة باللغة الإنجليزية ركيزة أساسية في توظيف الشباب، مع إغفال اللغة العربية لغة القرآن الكريم ولسان العرب.
الرخاء الفكري والثراء العلمي
يكشف الأستاذ سمير صالح الثقفي، وكيل الشؤون التعليمية في مدرسة الأمير فيصل بن فهد المتوسطة، أن الإملاء من المؤشرات الدقيقة التي يقاس بها المستوى الأدائي والتعليمي للتلاميذ، ووسيلة لألوان متعددة من النشاط اللغوي، والتدريب على كثير من المهارات، والعادات الحسنة في الكتابة والتنظيم. ومن أهدافهما: تدريب التلاميذ على رسم الحروف والكلمات رسماً صحيحاً، وتذليل الصعوبات الإملائية التي تحتاج إلى مزيد من التدريب، وتدريب العين عن طريق الملاحظة، وتدريب الأذن على حُسن الاستماع، وتدريب اليد على إمساك القلم، وضبط الأصابع، وتنظيم حركتها. أما فوائد مادة الفلسفة، فتكمن في قدرتها على توجيه الطالب إلى استخدام فكره بصورة أفضل، وتنمية قدراته العقلية، فهي الدعامة الأساسية للوصول إلى تنمية القدرة العقلية وممارسة التفكير، وخلق وعي نقدي لتحقيق قدر أفضل من الموضوعية في السلوك العام. أما تدريس مبادئ القانون، فيوضِّح للطالب الوسيلة الأساسية للضبط الاجتماعي وفق الشريعة الإسلامية، ويعرِّفه بأن الالتزام بالقانون جوهر الحرية الحقيقية، أما عن مادة الثقافة المالية، فهي مهمة لمواكبة كل ما يحدث من تغيُّرات في عصر السرعة والعولمة، والمساهمة في نهضة المجتمع وتطوره، والوصول إلى الرخاء الفكري والثراء العلمي.
خطوة على الطريق الصحيح
أما عن أيمن العتر، المشرف التربوي فقال: "من واقع الممارسة والاطلاع في الميدان، وجدنا هوَّة كبيرة بين الجيل الذي درس وتعلم الإملاء والخط العربي في مراحل التعليم الابتدائي، والجيل الذي لم يدرسها، فالكتابة الصحيحة، والخط الواضح لدى الطالب، يعكسان قدرته وذوقه السليم، ويساعدانه على الفهم الصحيح، واستيعاب المفاهيم ومعاني الكلمات، وفهم الحقائق".
تطوير المهارات الكتابية
أما الدكتورة منى بنت عبدالله المفلح، رئيس قسم اللغة العربية في إدارة الإشراف التربوي بمنطقة الرياض قالت: "تتضح أهمية صدور القرار على كافة أطياف المجتمع، حيث نجد لدى بعض الطلاب والطالبات قصوراً في المهارات الكتابية، وهذا القرار يسهم في معالجة ذلك، ويساعد الطلبة على إبراز مواهبهم وإبداعاتهم، إذ لابد من تأسيس الطلبة في الصفوف الأولية، وتعليمهم مهارات الكتابة، ويمكن بواسطته للمتعلم أن يعبِّر عن أفكاره، وأن يقف على أفكار غيره، وأن يبرز ما لديه من مفاهيم ومشاعر، و القدرة على التعبير عن الأفكار بوضوح ودقة.
تطوير التفكير
أكد الأستاذ صالح بن سالم، المحاضر في جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز، والعضو المؤسس لإيوان الفلسفة، أن قرار تدريس الفلسفة يعد مدخلاً مهماً نحو تطوير التفكير لدى الطلاب، وتدريس الفلسفة لا يعني تخريج فلاسفة بقدر ما يعني اعترافاً بها بوصفها منهجاً في التفكير لدى المتعلم. وتدريسها لن يكون تدريساً تاريخيًّا، إنما تعلّم المناهج الفلسفية، مثل الاستنباط، والاستقراء، والتفكير الإبداعي، وتكمن أهمية ذلك في شحذ التفكير نحو التفلسف، أو منهجية التفلسف".
رفع ثقافة الحماية والحقوق
أما الأستاذ أحمد المحيميد، المحامي والمستشار القانوني، فقال:" مادة الثقافة القانونية في التعليم العام تشمل الحماية والحقوق، ما يسهم في رفع ثقافة الحماية والحقوق، ويزيد من الالتزام بالنظام العام، الذي يعد من ثقافة وحضارة الشعوب، و الحد من السلوكيات الخاطئة في المجتمع، وتعميم فكرة الانضباط والالتزام بالسلوك والأخلاقيات،، فرفع ثقافة الحقوق من شأنه الحد من رفع الشكاوى والقضايا والمطالبات، والقضاء بحول الله على الجهل بالنظام والحقوق، وتفعيل الحماية لدى الأفراد والجهات على حد سواء، والإسهام في تطبيق عملي للأنظمة والتعليمات بكل شفافية".
زيادة الوعي
أكدت المحامية أفنان النمنكاني، أن تدريس مبادئ القانون في المدارس خطوة جبارة، لما فيها من فوائد مختلفة، منها النهوض بنظام التعليم نحو الأفضل، والتوعية القانونية للطالب بمعرفته حقوقه وواجباته نحو المجتمع، ومساعدته في تحديد مساراته بوعي أكبر.