جبل قارة.. أعجوبة طبيعية تثير فضول زوار «الجنادرية 33»

جبل قارة.. أعجوبة طبيعية تثير فضول زوار «الجنادرية 33»
أثار نموذج يحاكي جبل قارة انتباه وفضول زوار «بيت الخير» قرية المنطقة الشرقية بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية 33»، كونه من أبرز معالم الأحساء وأعجوبة طبيعية عمرها أكثر من 15 ألف سنة، ويمتاز بكهوفه الباردة صيفاً والدافئة شتاء وخلوه من الحشرات، فمنذ زمن بعيد، عُرفت كهوفه بأنها كانت ملجأ الهاربين من حر الصيف، يبيتون فيها لبرودتها.
وكشف الباحث الدكتور هشام محمد ربيع، السر في هذه الظاهرة من خلال دراسته الجيولوجية لواحة الأحساء، موضحاً أن الأحجار الجيرية والرملية في الجبل ذات مسام تمتص مياه الأمطار عند هطولها في فصل الشتاء وتختزنها بداخلها، وفي فصل الصيف تتحول عبر أشعة الشمس إلى أبخرة غير مرئية أو محسوسة فتلطف الجو بداخل كهوف الجبل كما يفعل المكيف الصحراوي، فيما يعود الدفء في الشتاء لطبيعة الكهوف الجبلية التي تحجب برودة الجو كما يحصل في الغرف المحكمة.
ولعب جبل قارة دوراً حيوياً في ترشيح الأحساء عام 2008م، للمنافسة في مسابقة عجائب الطبيعة السبع العالمية التي رعتها منظمة العالم الجديد، بالتنسيق مع هيئة الأمم المتحدة ممثلة بـ«اليونسكو»، وهو من المعالم الطبيعية التي تتميز بها المحافظة.
يقع جبل قارة، أو «القارة» كما اشتهر في العقود الأخيرة، على بعد 12 كيلو متراً عن العاصمة الإدارية للأحساء «الهفوف»، ويرتفع عن سطح البحر 210 أمتار، ويبلغ طوله نحو 1000 متر من الشمال إلى الجنوب، و800 متر من الشرق إلى الغرب، ويتميز بتشكيلاته الصخرية الفريدة من نوعها وانتصابه بجوار بساتين النخيل والمزارع الخضراء.
يتكوَّن هذا الجبل من صخور رسوبية تميل إلى اللون (الأحمر)، ويشرف على مساحات شاسعة من أشجار النخيل والبساتين، وعدد من القرى أبرزها «القارة» التي اتخذ الجبل اسمه منها، ويطل كذلك على قرى «الدالوة» و«التهيمية» و«التويثير». ويطلق عليه أيضاً اسم جبل «أبو حصيص» الذي شهد موقعة الملك عبدالعزيز – يرحمه الله – مع قبيلة العجمان عند دخوله الأحساء في العام 1313هـ.
ويحتوي الجبل على اثنتي عشرة مغارة مختلفة الأشكال والأطوال، وتتميّز ببرودة جوّها الداخلي، حيث تبقى الحرارة في حدود 20 درجة مئوية، حتى في أحرّ أيام الصيف عندما تتجاوز الحرارة في خارجها الأربعين درجة مئوية.
وأرجع الشيخ حمد الجاسر – يرحمه الله – في معجمه الجغرافي برودة كهوف جبل قارة إلى وقوعها أسفل الواحة، ما يمنحها تلك الطراوة الملحوظة، فضلاً عن حجب الصخور العظيمة حرارة الشمس، ما يسهم في تبريد التيارات الهوائية الداخلة، ويتفاوت اتساع الممرات والمغارات وضيقها تفاوتاً كبيراً، فيما يتسع بعضها لأكثر من 500 شخص.
ويوجد في الجبل تشكيلات صخرية بعضها يشبه الحيوانات والطيور، وبعضها الآخر يشبه الإنسان، ويعتبر من أكثر المواقع الطبيعية في المملكة جذباً للمصوِّرين، وقد تمكَّن عدد كبير منهم من الفوز بجوائز عالمية عن صور تم التقاطها في محيط الجبل ومغاراته وعُرِضت عالمياً.
وتفيد بعض كتب التاريخ أن جبل قارة كان هو المقصود باسم «المشقّر»الذي ورد قديماً عند المؤرِّخين والرحَّالة، فقد كتب الشيخ حمد الجاسر – رحمه الله – في كتابه «المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية – المنطقة الشرقية – القسم الرابع أن «المؤرّخين اختلفوا في موضع (المُشقّر)، فقيل إنه موضع في الحجاز، ووادٍ في أجأ أحد جبلي طيء، وحصن في البحرين، وهذا أشهرها».
ويتحدَّث الجاسر عن اختلاف المؤرِّخين في موقع «المُشقّر»، فهناك من يَعُده سوقاً في الطائف، وحصناً بين نجران والبحرين، ويذكر في معجمه: «إذا أجملنا أرض البحرين وهي أرض المُشقّر، فهي هجر مدينتها العظمى والعقير والقطيف والأحساء، ومحلّم نهرهم». وهذا ما توصَّل إليه الباحث عبد الخالق الجنبي في بحث تاريخي صدر في كتاب عام 2004م بعنوان «هَجر وقصباتها الثلاث، المُشقّر – الصفا – محلّم»، حيث يؤكد الجنبي أن القارة سميّت بهذا الاسم لأن جنوبها يلتصق بتلّ كبير الحجم، غريب الشكل والتكوين ذي كهوف متفاوتة الحجم، وفوقه صخرة كبيرة منحوتة بشكل عجيب.