الشطرنج، ليست مجرد لعبة للتسلية، فهي تعرف بأنها «لعبة الأذكياء»، وربما تكون أيضاً لـ«العباقرة» فقط، فهناك حرب من قراءة الأفكار والخطط والإستراتيجيات التي تسكن الرقعة المكونة من 64 مربعاً صغيراً، هناك حالات دراماتيكية من التواصل العبقري بين البيادق على رقعتها، وأرواحهم التي تعيش في مخيلة اللاعب. لذلك هي ليست مجرد لعبة، وحتى لو تمكن من ممارستها ملايين الأشخاص في العالم، لن يكن من بينهم إلى القليل من الأبطال فقط.
وعلى خطى عظماء الشطرنج التاريخيين، من أمثال الأسطورة الأمريكية «بوبي فيشر»، الذي يعتبره الكثيرون أنه «أعظم من لمس بيادق هذه اللعبة»، والأسطورة الروسية «غاري كاسباروف»، العبقري الذي كان يهابه جميع خصومه من اللاعبين، والشهير بنظراته الحادة خلال المواجهات، حيث ارتبط كلاهما في هذه اللعبة منذ سني حياتهما الأولى؛ ها هو طفل صغير يظهر خلال السنوات القليلة الماضية، يُنبّه أبطال هذه اللعبة، بأن بطلاً جديداً قادماً قد يغير الكثير من تاريخها.
إنه الطفل الروسي «ميشا أوسيبوف»، الذي يبلغ من العمر حالياً أقل من 6 أعوام، والذي بدأ يلعب الشطرنج في عمر الثالثة، وقبل أن يبلغ الرابعة فقط من عمره، تحدى «ميشا» الصغير العديد من أساتذة هذه اللعبة، كـ«أناتولي كاربوف»، و«سيرغي كارياكين»، وربما من أبرز هؤلاء الذين وقف هذا الطفل الصغير بأعوامه القليلة أمامهم، كان كبير الأساتذة في هذه اللعبة، الأسطورة الروسية «يفغيني فاسيوكوف»، الذي تحداه ولعب ضده «ميشا» في 13 تموز / يوليو من العام 2017، وكان حينها لايزال بعامه الرابع.
ميشا ضد أسطورة اللعبة الروسي أناتولي كاربوف:
بعد المباراة القوية التي لعبها الطفل العبقري «ميشا»، ضد كبير الأساتذة في لعبة الشطرنج «يفغيني فاسيوكوف»، وعلى الرغم من أن الأستاذ الكبير تمكن من الفوز على «ميشا»، إلا أنه أبدى إعجابه بهذا الطفل الذكي، واعترف بأن المباراة ضده لم تكن سهلة على الإطلاق، وصرّح حينها «فاسيوكوف» حينها قائلاً:
«الأشياء التي يتحدث عنها، وكيف يفكر ويقوم بالحركات التي يستخدمها، في الافتتاحية أو التوليفات، كل هذا مدروساً عند ميشا الصغير بعناية. ولكن، علينا أن نعرف مع من سيعمل في المستقبل، وكيف سيعمل، هذا أمر هام للغاية».
«ميشا»، الذي يرغب في أن يصبح طبيباً ولاعب شطرنج محترفاً وشهيراً في المستقبل، والذي كان خصماً قوياً رغم فوز كبير الأساتذة عليه في تلك المباراة.
قامت إحدى شركات أزياء الأطفال الشهيرة في روسيا خلال العام 2017، باختياره ليكون وجهها الإعلاني، حيث انتشرت صوره في كل أرجاء البلاد، لكن الشطرنج هي وحدها ما يشغل بال «ميشا» الصغير، وفي الوقت الحاضر، يعتبر هذا العبقري أصغر لاعب شطرنج في العالم، وكان الكثيرون ممن لعبو ضده من أباطرة هذه اللعبة، قد اعترفوا بأنه على الخصم القادم لـ«ميشا» ألا يستهين به على الإطلاق، وأن يحسب له أكثر من حساب.