رغم أن معظم العلماء يعتقدون أنهم تمكنوا من اكتشاف ودراسة كل جزء وتفصيل صغير في جسم الإنسان، إلا أن عدداً من العلماء في جامعة «دويسبورغ إيسن Duisburg-Essen» الألمانية، قد أعلنوا مؤخراً عن اكتشافهم لنوع جديد من الأوعية الدموية في العظام، تعمل على توفير معظم إمدادات الدم اللازمة، وهو ما اعتبروه اكتشافاً علمياً جديداً أثار الكثير من الحيرة والتساؤلات لدى العلماء أنفسهم، وذلك بحسب ما ذكره موقع «روسيا اليوم».
ونقلاً عن صحيفة الـ«ديلي ميل» البريطانية، فإن الدراسة تبين أن الأوعية الشعرية المكتشفة حديثاً، والتي تسمى الأوعية العابرة للقشر «تي سي في أس TCVs»، بإمكانها أن تخترق القشرة الصلبة لعظام الفئران. وتابعت الدراسة، أن الأوعية الجديدة، تعمل أيضاً كمسار «مختصر» عن طريق نقل الخلايا المناعية من النخاع العظمي، إلى المنطقة المصابة من الجسم، بدلاً من الخلايا التي يجب «التقاطها» بالدم عند دخوله إلى نهاية العظم، عبر نخاع العظام، للخروج من الطرف الآخر.
وعند تحليل عظام البشر، وجد العلماء أنه توجد لدينا أيضاً أوعية دموية مماثلة في العظام الأكبر حجماً في أجسامنا. ويأمل العلماء في أن يؤدي اكتشافهم الثوري إلى تطوير علاجات جديدة، تستخدم هذا التدفق في الدم و«هجرة» الخلايا المناعية، للمساعدة في علاج الحالات الالتهابية، مثل هشاشة العظام.
وتابعت الصحيفة البريطانية، أنه من النادر ما يكون تشريح الإنسان موضوع اختراقات علمية، حيث أن معظم الخبراء واثقون من أن الأعضاء والأنسجة الرئيسة قد اكتُشفت بالفعل. وفي هذا الشأن قال الدكتور «ماتياس غونزر»، وهو معد مشارك في الدراسة ورئيس معهد المناعة والتجارب في الجامعة الألمانية: «من غير المتوقع حقاً أن نتمكن من العثور على هيكل تشريحي جديد ومركزي لم يتم وصفه في أي كتاب في القرن الواحد والعشرين. ومن الجنون تماماً أيضاً أنه ما تزال هناك أشياء يمكن اكتشافها عبر التشريح البشري. لقد اكتشفنا أوعية دموية في مكان جديد لم نكن نعرفه من قبل».
وقام العلماء خلال هذه الدراسة الجديد، بحقن الـ«فلورسنت» في العظام الطويلة لدى الفئران. حيث تتميز هذه العظام الطويلة بأنها صلبة وكثيفة، وتوفر القوة ودعم الهيكل. ثم فُحصت العظام تحت المجهر الفلوري والأشعة السينية. وكشفت النتائج المنشورة في مجلة «نيتشر كيميونيكيشنز Nature Communications»، أو «اتصالات الطبيعية»، عن وجود عظام طويلة لدى الفئران مزودة بالأكسجين والمواد المغذية من قبل مئات الشعيرات الدموية المكتشفة حديثاً، على طول العمود الفقري بأكمله.
وعندما درس الباحثون قطعاً صغيرة من عظام الفخذ البشري، وجدوا الأوعية الدموية نفسها، وإن كانت أكثر كثافة، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كانت تحمل الخلايا المناعية. وشارك البروفيسور «غونزر» نفسه في عملية التصوير عبر الماسح الضوئي، لمدة 6 ساعات متواصلة. وتربط الشعيرات الدموية المكتشفة الأغشية الداخلية والخارجية المحيطة بالعظام.
ويعتقد العلماء أنها تلعب دوراً حاسماً في المساعدة على نقل الدم داخل وخارج قشرة العظام الصلبة. كما وُجد أن هذا الدم غني بالخلايا المناعية، التي تحملها الشعيرات الدموية من النخاع العظمي إلى الدورة الدموية. وحتى الآن، كان من المفترض أن يدخل الدم إلى عظام طويلة عبر الشرايين في نهاية العظام، أو عبر الأوعية القليلة على طول عمود العظام، قبل أن يمر عبر نخاع العظام ويخرج من الطرف الآخر. ويعتقد العلماء أن إعادة نمذجة «TCV» يمكن أن تلعب دوراً في شفاء الكسور.