لأن لجميع الطلاب في كل أرجاء العالم الحق في التعليم، فإن من حقهم أيضاً، أن يتلقوا دراستهم في بيئة تعليمية مناسبة، بيئة تكون بعيدة عن ظاهرة «التنمر»، التي تعتبر من أخطر الظواهر قديماً وحديثاً، وعليه، فقد أكد تقرير جديد لمنظمة الـ«يونسكو» التابعة للأمم المتحدة، أن العنف المدرسي وظاهرة «التنمر»، تعتبران من أبرز المشاكل الرئيسية في جميع أنحاء العالم، حيث تطال ما يقارب ثلث طلاب المدارس وتؤثر على صحتهم العقلية ومستوى تحصليهم الدراسي.
ويوضح البحث الذي أصدرته الـ«يونسكو» يوم الثلاثاء الفائت 22 كانون الثاني / يناير 2019، والذي جاء تحت عنوان «ما وراء الأرقام، وضع حد للعنف المدرسي والتنمر»، وكان ذلك في منتدى التعليم العالمي لعام 2019 المنعقد في العاصمة البريطانية لندن، خطورة هذه المشكلة وما حققته بعض البلدان من تقدم كبير في الحدّ منها أو احتوائها.
وكان موقع أخبار الأمم المتحدة، قد أورد عن منظمة الـ«يونسكو»، أنه بناء على بيانات مفصلة وأدلة شاملة عن العنف والتسلط في المدارس، تغطي 144 بلداً وإقليماً مختلفاً في جميع المناطق، أفاد بأن ما يقارب ثلث الطلاب الذين شملهم البحث بتعرضهم للتخويف من أقرانهم في المدرسة، مرة واحدة على الأقل خلال الشهر الماضي. وتتأثر نسبة مماثلة بالعنف الجسدي.
وبحسب بيانات الـ«يونيسيف» التابعة أيضاً للمنظمة الأممية العالمية، فإن التنمر الجسدي يعد النوع الأكثر شيوعاً بين أنواع التنمر المختلفة في العديد من المناطق، باستثناء كل من قارتي أميركا الشمالية وأوروبا، حيث تسود ما تم تسميته «البلطجة النفسية» أكثر في تلك المناطق.
وتضيف الـ«يونيسف»، أن العنف المدرسي والبلطجة يؤثران على كل من الطلاب والطالبات. ففي حين تنتشر البلطجة البدنية بين الأولاد، وتعد البلطجة النفسية أكثر انتشاراً بين الفتيات. ومع التقدم التكنولوجي، يتزايد التنمر عبر الإنترنت والهواتف المحمولة، وهو التنمر الذي يعتبر نوعاً جديداً.
ومن الأرجح أن يتعرض الأطفال الذين يُنظر إليهم على أنهم مختلفون بأي شكل من الأشكال للمضايقة. ويمثل المظهر الجسدي أكثر الأسباب شيوعاً لتعرض الطلاب للتنمر، فيما تتعلق الأسباب الثانية الأكثر شيوعاً التي ذكرها الطلاب بالعرق أو الجنسية أو اللون.
وتقول الـ«يونسكو» أيضاً، إن التنمر يؤثر بشكل سلبي كبير على الصحة العقلية للأطفال ونوعية الحياة ومستوى تحصيلهم الدراسي، كما يشعر الأطفال الذين يتعرضون للمضايقات بشكل متكرر، بشعور بالإقصاء من المدرسة يزيد عن أقرانهم بمعدل ثلاث مرات أو أكثر، ويتضاعف احتمال عدم التحاقهم بالمدرسة. وتكون نتائج التحصيل الدراسي لضحايا التنمر أسوأ من أقرانهم، بما يزيد من أن احتمال تركهم للتعليم بعد المرحلة الثانوية.
كما ويسلط تقرير الـ«يونسكو»، الضوء على عدد من التدابير التي أثبتت فعالية في الحد من انتشار العنف المدرسي والبلطجة أو احتواء انتشارهما. إذ انخفض التنمر في نصف الدول والأقاليم - 71 دولة - وشهدت نسبة مماثلة من البلدان أيضاً انخفاضاً في العراك البدني أو الهجمات الجسدية في المدارس.
وتمتلك هذه البلدان عدداً من عوامل النجاح المشتركة، وخصوصاً الالتزام بتعزيز بيئة مدرسية آمنة وإيجابية، وأنظمة فعالة للإبلاغ عن التنمر والبلطجة ومراقبتهما، والبرامج والتدخلات القائمة على الأدلة، وتدريب ودعم المدرسين، ودعم الطلاب المتضررين.
كما أثبتت القيادة السياسية والالتزام رفيع المستوى، مع الأطر القانونية والسياسية القوية التي تتناول العنف ضد الأطفال والتنمر، فعالية في التصدي لهذه الآفة. وتعقيباً على ذلك، أشارت «ستيفانيا غيانيني»، وهي مساعدة المديرة العامة للـ«يونسكو» المعنية بالتعليم، إلى أن المزج بين القيادة السياسية القوية وعوامل أخرى مثل التدريب والتعاون والرصد، يثبت أنه من الممكن التخفيف من مناخ الخوف الناجم عن التنمر في المدارس والتعرض للعنف.