على الرغم من مرور مئات السنين على رحيله، إلا أن العبقري الإيطالي «ليوناردو دافنشي»، لا يزال يثير الكثير من الجدل، الذي بدأ منذ لحظات ولادته الأولى، ويستمر حتى هذه اللحظة التي نعيشها من الألفية الثالثة، وذلك بعد أن دبّ خلاف كبير وصل حتى الأوساط الدبلوماسية بين كل من إيطاليا وفرنسا، وذلك بمناسبة مرور 5 قرون كاملة – 500 عام – على وفاته، والذي كان خلال العام 1519.
وبحسب «سكاي نيوز»، فيبدو أن الاحتفالية التي يعدها متحف «اللوفر» الشهير في فرنسا بهذه المناسبة التاريخية، قد تنتهي بخسائر فادحة، وذلك بسبب الخلاف التاريخي والثقافي الذي أصبح «سياسياً» بين البلدين، بسبب الجدل الذي أشعلته نائب وزير الثقافة الإيطالي «لوشيا بورغونزوني»، عندما اقترحت أن تلغي حكومتها «إعارة» بعض اللوحات الرئيسية لـ«دافنشي» وسحبها، والتي من بينها اللوحة الشهيرة «فيتروفيان مان»، الموجودة في فينيسيا، بالإضافة إلى اللوحة غير المكتملة «القديس جيروم في البرية»، بعد أن كانت المتاحف الإيطالية قد وافقت على ذلك القرار قبل عامين.
ويُشار إلى أن «بورغونزوني»، كانت قد اتهمت فرنسا بمحاولة الهيمنة على احتفالات لـ«يوناردو» وتهميش إيطاليا في هذا الحدث الثقافي الكبير، وقالت موضحة في تصريح سابق: «ليوناردو إيطالي وكل ما هنالك أنه كان قد مات في فرنسا فقط». ويذكر أنه من المقرر أن يتم افتتاح عرض متحف «اللوفر» في شهر تشرين الأول / أكتوبر القادم من هذا العام، بحيث لا يطغى على الاحتفالات الإيطالية بهذه المناسبة التي ستكون في شهر أيار / مايو المقبل، وهو الشهر ذاته الذي شهد رحيل «دافنشي» قبل 500 عام.
من جهته، أشار «فرانك ريستر»، وزير الثقافة الفرنسي، إلى أنه ينبغي معالجة الجمود عبر إجراء محادثات «سلمية»، ولذلك فإنه سيلتقي نظيره الإيطالي «ألبيرتو بونيسولي»، خلال الشهر المقبل في محاولة للتوصل إلى اتفاق. وبدوره، قال «بونيسولي»، إنه ليس ضد اتفاقية إعارة لوحات «ليوناردو دافنشي»، مشيراً إلى وجود بعض «الاختلالات» في الصفقة الأصلية التي كان من الضروري تسويتها.
متحف «اللوفر» الفرنسي، لم يصرح بدوره بأي تصريحات قد تُصعّد المشاكل أكثر بين البلدين في هذه المشكلة. والتزم الصمت تاركاً الأمر لصُنّاع القرار السياسي لحلها. ويُذكر بأن «اللوفر»، يضم في الوقت الحالي 5 لوحات للفنان الإيطالي «ليوناردو دافنشي» فقط، وذلك من أصل 14 لوحة منسوبة له، لكن المتحف الفرنسي أراد الاستفادة من إيطاليا باستعارة بعض اللوحات الخاصة بـ«دافنشي»، وبالمقابل، تقرر إعارة روما بعض أعمال الإيطالي «رفائيل سانزيو» لعرضها في السنة المقبلة.
العبقري الإيطالي.. الذي غيّر التاريخ بيديه
«ليوناردو دافنشي»، الذي كان أبرز الرواد في عصر النهضة الأوروبي، كان قد جمع في كونه كان شخصاً مثقفاً وموسوعياً، حيث كان رساماً وعالماً ومهندساً ومخترعاً، بالإضافة إلى كونه عالم نبات، وعالم خرائط، وجيولوجياً، موسيقياً، وشاعراً، إلى جانب أنه كان نحاتاً، ويعتبره الكثير من الخبراء والمؤرخين، بأنه أعظم فنان في التاريخ على الإطلاق.
وولد «دافنشي» خلال العام 1452 في بلدة «فينشي» في منطقة «توسكان» الجبلية في إيطاليا، لكنه كان قد أمضى معظم سنواته الأخيرة في بلاط الملك الفرنسي «فرانسوا الأول»، الذي كان راعياً للفنون والآداب، حيث توفي في الثاني من شهر أيار / مايو من العام 1519، وفي التاريخ نفسه من العام الجاري 2019، يكون قد مرّ 5 قرون / 500 عام على وفاته.