حلم الثراء السريع، الذي يأتي بالملايين من الأموال، يجتاح عقول معظم الناس في العالم، حيث يعتقدون بأن هذا الحلم لو تحقق سوف ينهي جميع مشاكلهم، ولكنّ شخصًا واحدًا فقط أثبت العكس تمامًا، ومن المؤكد أنه أثبته ليس بحكمته، بل برعونته الكبيرة. إنه البريطاني «مايكل كارول»، جامع القمامة، الذي فاز بالجائزة الكبرى في اليانصيب، أو ما يُعرف بالـ«لوتو»، والتي تبلغ قيمتها 10 ملايين جنيه إسترليني؛ أي ما يعادل 12 مليون دولار أمريكي.
بدأ الأمر خلال العام 2002، عندما فاز «كارول» وهو بعمر الـ19 عامًا، بالجائزة الكبرى، التي كانت قيمتها 10 ملايين جنيه إسترليني؛ أي ما يعادل 12 مليون دولار، لتنقلب حياة الشاب الذي كان يعمل جامعًا للقمامة في منطقة «داونهام ماركيت» في مقاطعة «نورفولك» شرق إنجلترا، وتتبدل حياة الفقر الشديد، بالثراء الفاحش.
عاش «كارول»، طوال الأعوام الماضية، بحالة من البذخ والترف الشديدين، اللذيْن وصلا معه حتى الإسراف اللاواعي للأموال، فلم يتوقف منذ ذلك الوقت عن إقامة الحفلات الكبيرة في القصر الذي امتلكه، وشراء المجوهرات والسيارات وغيرها، حتى إنه، بحسب وسائل إعلام بريطانية، كان يُلقي بـ«ساندويشات البرغر» وقطع الدجاج على المارة من سياراته الفخمة، وتصدّر الشاب الذي كان فقيرًا، كل عناوين الصحف بالبلاد، بعد أن تحولت حياته بهذا الشكل.
10 سنوات كانت كافية ليعود فقيرًا
ولأن لكل شيء نهاية، فلا بدّ أن المال أيضًا عندما نبذره بهذا الشكل غير المسؤول، وعندما لا نفكر باستثماره بأي مشاريع تدر علينا أرباحًا؛ سوف ينتهي بكل تأكيد، هذه القاعدة البسيطة للغاية، والتي حتى الأطفال يعرفونها ويعونها جيدًا، لم تخطر ببال «كارول»، حيث كان المبلغ الكبير الذي فاز فيه قد أعماه تمامًا، ولم يطل به الأمر كثيرًا، حيث إنه وبعد 10 أعوام فقط، وتحديدًا خلال العام 2012، كان الشاب البريطاني قد صرف جميع الأموال التي كان يمتلكها.
أسلوب حياة «مايكل كارول» تسبب له بأن فقد جميع أمواله – التي ظنّ أنها لن تنتهي – حتى وصل الأمر به إلى أن تم حظره من دخول أي حانة أو مطعم أو مقهى في المدينة، ووصل به الأمر إلى أن يترك مدينته، وينتقل للعيش في أسكتلندا، في محاولة منه لبدء حياة جديدة، ولكن هذه المرة عاد الشاب البريطاني، الأرعن، إلى الصفر مرة أخرى.
جامع القمامة الفقير، الذي أصبح ثريًا فجأة، ثم عاد ليكون فقيرًا من جديد، وكأنه كان يعيش حلمًا فقط ولم يكسب قرشًا واحدًا، عمل بعد انتقاله إلى أسكتلندا حطابًا وبائعًا للفحم، بأجرة لا تتجاوز الـ10 جنيهات «12 دولارًا» في الساعة الواحدة، إذ من الممكن وصف الأمر بأن الملايين تبخرت وتحولت إلى «فحـم».
ووفقًا لتصريحات أدلى بها «كارول» لصحيفة «ذي صن» البريطانية، قال فيها: «عندي ما يعادل 50 كيلوغرامًا من أكياس الفحم، وأقوم بتقطيع جذوع الأشجار التي تباع في محطات التعبئة».. وأضاف قائلًا: «اختفت 10 ملايين جنيه في 10 سنوات فقط، والآن أنا لا أملك بيتًا أو سيارة، لكنني لا أشعر بالمرارة كثيرًا.. فما يأتي بسهولة يذهب بسهولة».
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن «كارول» يبدأ عمله في السادسة صباحًا، ويعمل لمدة 12 ساعة متواصلة يوميًا في مجال تجارة الوقود في مدينة «إلغين» بإقليم «موراي» في أسكتلندا. لكنه على الرغم من كل ذلك؛ يصرّ على أنه لا يشكو بشأن العمل «الذي يقصم الظهر»، وأن اختفاء الثروة والتفريط بها هو في الواقع عبارة عن «نعمة مستترة».
وتابع الشاب البريطاني في تصريحاته: «يمكنني أن أوزع 150 كيسًا من الفحم يوميًا، وفي بعض الأحيان أحصل على (بقشيش)، وهو أمر مضحك». وأشار «الفقير- الثري- الفقير» إلى أن الآخرين لا يعرفونه أو يتعرفون عليه؛ بسبب الفحم والسخام على وجهه، وأن مظهره أفضل جسديًا بعد أن فقد العديد من الكيلوغرامات من وزنه. مؤكدًا أن الحياة لا تتعلق بالمال فقط، وأن الأمر على الرغم من أنه يبدو جنونيًا، لكنه الآن أكثر سعادة بعد أن عاد إلى العمل، مضيفًا أن الإفلاس هو أفضل ما حدث له.
وبحسب ما ذكره موقع «سكاي نيوز»، فإن «مايكل كارول» يعيش حاليًا في شقة مكونة من غرفتي نوم، يتم تأجيرها بـ500 جنيه شهريًا، ويذهب إلى عمله سيرًا على الأقدام، كما أنه لا يزال «أعـــزب»، لكنه إلى الآن لم يفقد الأمل، وهو في تلك الأثناء يواصل شراء تذاكر الـ«يانصيب»، لعله يفوز مرة أخرى.