تلعب الأغاني والأفلام والمسلسلات ذات الطابع الرومانسي، والروايات دورها الكبير في العزف على أوتار المشاعر والأحاسيس، والتحليق في فضاءات واسعة من الخيال مع أبطالها.
وهو ما ينعكس بشكل أو بآخر، وسلبًا أو إيجابًا على الحياة والعلاقات على أرض الواقع.
ومن هذه المنطلق كان السؤال الذي حملناه للمشاركين الشباب عن الحب الذي تُصدّره لنا الفنون المختلفة، المرئية والمسموعة والمقروءة، هل هو مثل الحب الذي نصادفه على أرض الواقع؟
السطور الآتية تحتوي على ردود الشباب وتفسيرًا اجتماعيًّا عن الفرق بين حب الروايات والحب على بساط الواقع..
• الواقع مختلف تمامًا
ماجد باوزير، 28 عامًا، مساعد مدير إداري، شارك قائلاً: من تجربتي الواقعية في ساحة الحب لم أجد أي تشابه بين ذلك الحب الذي ينتصر في الروايات والأفلام، بأن يظل الأحبة معًا، متكاتفين يغلبون أي صعاب أمامهم، وتنجح قصة حبهم وتُكلَّل بالزواج، وقعتُ في الحب مرتين على فترات متباعدة، الأولى منها كنت لا أزال مراهقًا، ورغم نقاء هذا الحب فإنني لا أعتبره حبًّا حقيقيًّا لصغر عمري وقتها، والتجربة الثانية كنتُ قد أنهيت دراستي الجامعية وبدأت العمل، وكنت ذاك الفارس البطل الذي يُضحي لأجل حبيبته، ولكن في الأفلام البطلة تُقدّر تلك التضحيات، أما في الواقع فقد استغلَّت تضحياتي، وتعاملت معي على اعتبار أنني شخص ضعيف، وأصبحت متسلّطة، إلى أن انفصلنا وانتهى كل شيء.
• شغف البدايات وألم النهايات
أما آية أحمد، 29 عامًا، تعمل بمجال الدعاية والإعلان، فتكلمت بجرأة قائلة: نندمج في روايات الحب وأغانيه وما إلى ذلك، ولكن شتَّان بين حب الروايات وكلمات الأغاني التي تحرّك المشاعر، والحب الذي نعيشه في الواقع، للأسف فالحب على أرض الواقع أشبه بساحة المعركة، يريد كل طرف أن يكون هو الأقوى، وبالتالي يخشى كل طرف من تسلُّط الآخر، فأنا أحببتُ مرة واحدة وكنت أتمنى أن يُكلل هذا الحب بالزواج، لكنه كان شخصًا غير متفهم ورفض أن أعمل، بينما أنا كنت أريد أن أحقق ذاتي، خاصة أنني أحب مجال الإعلام، وتوالت الخلافات بيننا، وكان يتعمَّد أن يتركني حزينة بالأشهر ولا يتحدث معي، ويأتي وكأنه لم يفعل شيئًا، وكنت أسامح وظللت أسامح حتى أُرهقت روحي، وقد يكون فقط هناك عامل مشترك بين حب الروايات والواقع، وهو شغف البدايات وألم النهايات.
• ألم الذكرى
أحمد جواد، 24 عامًا، طالب بكلية الهندسة، قال: لا يوجد في الواقع شيء اسمه حب، يمكن أن نطلق عليه «تعوّد، عِشرة، أو إعجاب»، أما الحب فلم يظهر على الأرض، فالحب له معايير أهمها الإخلاص والتضحية، أن تفني نفسك في كيان حبيبك، والآن الفتيات أصبحن غير قابلات لفعل ذلك، فقد أحببتُ ابنة عمي وفي النهاية تزوجتْ من رجل آخر بعد حب 6 سنوات، ولم تصمد معي حتى أنتهي من دراستي وأخطط لمشروعي، كانت توهمني بكلمات الحب وبتلك الأغاني التي تقشعرُّ لها الأبدان، ولكن كل ذلك من روايات وأغانٍ ما هو إلا سلاح قاتل يستخدمه أحد الملثَّمين برداء الحب؛ لإقناع الطرف الآخر به، ومن ثمَّ يتركه وحيدًا شريدًا يعاني ألم الذكرى.
• تعبئة المُشاهد
خلود خالد، 23 عامًا، خريجة إدارة أعمال، قالت: أعتقد أن الحب موجود، ولكن ليس بالطريقة نفسها التي تصدّرها لنا الأفلام والروايات والأغاني، فمن الطبيعي أن تكون هناك في تلك الروايات «بُهارات زائدة» للحبكة الدرامية، والتأثير على الجمهور، ولكن للأسف نحن -كمستقبِل- نتقمَّص تلك الشخصيات المحبة، ونتمنى أن نعيش تلك القصص من الحب، فنتعجَّل في الاختيار لأننا نبحث عن الحب، أما عن رأيي الشخصي فالحب الحقيقي لا يحتاج إلى من يبحث عنه، الحب الحقيقي يعرف طريقه إلى قلوب المحبين، وقد أحببتُ شخصًا غير مناسب، وربما كان سبب ذلك أنني بالفعل تأثرتُ بقراءتي لتلك الروايات العاطفية، وأثَّر ذلك على اختياري لمن أحب، فالأفلام والروايات لها دورٌ كبير في التأثير على المُشاهد، وتعبئة روحه وعقله في اتجاه أحادي للأسف.
• نظرة اجتماعية
الأخصائية الاجتماعية آمال العجلان، حلَّلت الحبَّ في الروايات والأغاني والفرق بينه وبين الحب في دنيا الواقع، حيث قالت: الخيال دائمًا أجمل من الحقيقة والواقع، لهذا نتأثر بالخيال ونعيش فيه أحلامنا، ولكن على المُشاهد أن يعلم أن ما يقرأه من روايات أو يشاهده في الأفلام ويستمع إليه في الأغاني ما هو إلا خيال مُؤلِّف، نسج خيوط خياله برومانسية، ونجاحه هو أن يؤثر على المشاهد فيضعه في حالة حب، أو يؤثر على المستمع من ثمَّ يتعود على سماع أغانٍ معينة تضعه في مزاج الحب العام، والجمهور لأنه غير مؤهَّل نفسيًّا واجتماعيًّا، يقلد ويخلط بين ما هو واقعي وما هو خيالي، ويظل متعلقًا بالخيال؛ لأن فيه لذَّة أفضل بكثير من الواقع، فنحن كمجتمع شرقي وسعودي له عاداته وتقاليده، نعيش أغلب قصص الحب في الخفاء، والكثير من تلك القصص انتهى نهاية درامية بالانفصال وعدم الزواج لأسباب مختلفة، وقد يكون أشهرها اختلاف القبائل أو المستويات الاقتصادية والاجتماعية، وهنا يُنصت الشباب لأوامر الأهل، ولا يحاربون للارتباط بمن يحبون، فيعلنون الاستسلام مبكرًا.