عمل جديد فاجأنا به الروائي والشاعر السعودي عبدالله ثابت. كتاب: «ميال.. رجال بباب القبو»، الصادر عن دار الساقي، قرر الكتابة عن أوجاع الرجال وليس النساء، مثيراً الجدل حول هذه الخطوة غير المسبوقة، فماذا قال عن آلام الرجال؟!
هذا ما صرح به في هذا الحوار مع «سيدتي نت»..
درجت العادة على الحديث عن أوجاع النساء، ما دافعك إلى الكتابة عن وجع الرجل؟ وعن أي أوجاع ذكورية تتحدث؟
«ميّال» ليس شعراً فقط، بل هو نسيج متشابك من قصيدة النثر والكتابة المفتوحة. وهي جميعها تحاول الإطلالة على عذابات رجل يتشظى إلى رجال يقفون بباب قبو أوجاعهم، أما الحديث عن أوجاع الرجال فلا يحتاج لسبب. وربما يحمل سؤالك الجواب والسبب في داخله، حيثُ هذا الخلط المهين ما بين الذكورية والرجولة!
قدمت في الكتاب أنماطاً مختلفة من الرجال، مثل منْ يفكر في خساراته، والثائر الذي يبدأ بالهتاف، ومن يكره إغراء النساء بالكذب، وآخر مرتاب، وكأنك تمارس هنا حملة شعرية للدفاع عن الرجال؟!
ليس دفاعاً؛ لأن التعبير عن الوجع لا يحمل أية راية في شكله الخالص سوى الألم نفسه؛ حتى يتم التعبير عنه. الرجل ليس مقابلاً مناقضاً، بل طرف موازٍ في التمام الإنساني.
بعد كل هذه السنوات من الكتابة، كيف هي علاقتك بمنطقة عسير.. منبع الأصل والجذور؟
هي العلاقة الطبيعية الحميمة والخاصة بين أي إنسان وجذوره وتكوينه السوي، الذي ينفتح على كل العالم والأمكنة؛ باعتباره جزءاً من العالم والناس.
كيف هي علاقتك بالمدن والأمكنة؟ وكيف تعكسها في نصك الأدبي؟ وما أقرب المدن إليك؟
علاقتي بالمدن والأمكنة يمكن وصفها باكتشاف المفاتيح. هكذا أحب التعرّف على أي مكان. أما أقرب المدن فهي «أبها» و«جدة» في الداخل السعودي، بالإضافة إلى عدد من المدن في الخارج، التي يصعب تعدادها لكثرتها. أما كيف أعكسها في نصي فلا أعرف؛ لأنني لا أكتب عن عمد.
تقول في أحد تصريحاتك التليفزيونية: «قداسة الجمال تؤرقني». كيف تربط بين فكرة القداسة والجمال؟ وما مفهوم الجمال بالنسبة إليك؟
الجمال كلٌّ والمقدس بعضٌ، فكل جميل ينطوي على قداسة، وليس العكس، ومفهوم الجمال عندي هو الفرادة التي تنتمي لسياقات الطبيعة، سواء بمادتها أو بمعناها، أو بهما معاً.
تتحدث عن الجمال في حين أن المرأة عنصر شبه غائب في أعمالك. لماذا؟
غير صحيح. المرأة موجودة، لكن عمق حضورها وطريقته مختلفان.
تقول في تصريح صحفي: «لا أنتقد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بل سلوكها». كيف ذلك وكأنك تؤيد وجود ما يسمى بالـ«الشرطة الأخلاقية»؟
في السعودية الهيئة واقع ليس من المنطق القفز عليه. وربما يكون الأجدى نقد ممارساته إيجاباً، ومحاولة دفعه إلى أن يتحول إلى جهاز وظيفي صرف، خاضعاً لمعايير الكفاءة. مهمته الحفاظ على الحياء العام وفق قوانين واضحة ومعلنة، بما يمكن تسميته «شرطة الآداب». وليس تكريس احتكاره في دائرة جهاز ديني، قد يستخدمه بعض منسوبيه لقمع المجتمع، وخصوصية الأفراد، وملاحقة الحريات العامة الطبيعية، تحت غطاء سلطة الدولة.
نجد في كتاباتك الكثير من الغموض وتحديداً الشعر. هل يشبه عالمك الداخلي فضاءك الأدبي، بمعنى أن يكون على هذا القدر من التعقيد؟
صدقاً لا أعرف أين هو هذا الغموض. النص الذي يقرأه القارئ ليس بالضرورة أن ينطلق من نفس فهم المؤلف. لو كان الأمر كذلك؛ لأصبحت الكتابة نوعاً من الوصايا المقيتة، التي تقضي على تأمل القارئ وفهمه وخلق فعل القراءة المفيد، التي لا تعتني بقصدية المؤلف، بقدر ما تعتني بعوالم فهم القارئ!
ألم تشعر يوماً بالحاجة إلى تحقيق نصر ما وترجمته إلى نص أدبي؟
ما أحتاجه دوماً وأبداً هو أن أتجدّد. أن يكون لي تلك الخطوة التي تمضي قدماً في العمق.. أي إلى الأمام.
هل تشعر بمرور الوقت وتفكر بموتك؟
صدقاً يلازمني الإحساس -وأنا في الأربعين- بأني ما زلت صغيراً، في العمر والمعنى، لدرجة أنه كثيراً ما تفاجئني المعاملات المبجِّلة من حولي، وأحياناً أود لو أقول: «عفواً.. هل تقصدني؟». . فلا أشعر بالوقت بمعنى مروره! وبهذا يأتي هاجس الموت في غير توقيته أبداً.. أشعر بجوهر الحياة، والعطش الإنساني الفطري للمزيد والمزيد.