يتذكَّر الجميع في اليوم العالمي للمرأة نساءً كثيرات، أثَّرن إيجابًا على حياتهم، وضحَّين في سبيل أن يعيشوا في هناء وسعادة.
هذه التضحيات لم تأتِ من العدم، أو بالصدفة، بل من صميم الطبيعة العاطفية التي تتميز بها المرأة، فهي ببساطة نبعٌ من الحنان والحب لا ينضب أبدًا، خلقها الله جميلة، روحًا وخُلقًا وقلبًا؛ لتحتوي الجميع، وتنير لهم درب حياتهم.
في «سيدتي»، حينما استضفنا مجموعة من الرجال والسيدات ليتحدثوا عن النساء اللاتي أثَّرن عليهم، تساقطت دموعهم وهم يذكرون لنا مواقف نبيلة من نساءٍ تركن آثارًا خالدة في نفوسهم، مؤكدين في الوقت نفسه أنه لا شيء يشبه المرأة في عطفها وحنانها.
خالتي صالحة
بداية، تذكَّر الدكتور محسن الشيخ آل حسان، الكاتب والشاعر والمؤلف المسرحي والإعلامي، حادثة قديمة، حصلت معه، أبكته كثيرًا، بطلتها امرأة، أحبها من أعماق قلبه، قائلًا: «أتذكَّر جيدًا حادثة أليمة مررت بها؛ وهي وفاة خالتي صالحة، يرحمها الله، كان ذلك في صباح عيد الفطر، وكنت حينها في الـ13 من عمري، وأعيش معها في منزلها، يومها بكيت كثيرًا؛ لأنها مَن قامت بتربيتي تربية صالحة، كما هو اسمها، ذلك اليوم كان يجب أن يكون من الأيام الجميلة في حياتي، كيف لا والجميع يحتفل فيه بهذه المناسبة الرائعة؛ عيد الفطر، وأذكر جيدًا أن خالتي جهَّزتني للعيد قبل أيام عدة، واشترت لي ملابس جديدة، ووضعت عيديتي تحت وسادتي، وحينما استيقظت صباحًا للاستحمام، وارتداء ملابسي استعدادًا للعيد، فُجعت بوفاة خالتي بالسكتة القلبية، وتحولت تلك الفرحة العارمة إلى حزن جارف، إذ بكيت كثيرًا حزنًا على فقدان أعز إنسانة في حياتي، ورغم مرور كل هذه السنوات، إلا أن تلك الذكرى لا تزال تسيل دمعي».
شقيقتاي
الشيف رشا الزيني أكدت، من جهتها، أن المرأة سيدة المواقف النبيلة كلها، وهي التي تبكينا من شدة وفائها، وفي الوقت نفسه ترسم على شفاهنا بسمة جميلة لروحها الطيبة، وقالت: «عندما تعرضت وزوجي إلى ضائقة مالية، وعدنا من دبي بتجارتنا إلى الرياض، لم أخبر أحدًا بأزمتي إلا شقيقتَيّ الأصغر مني سنًا، وفعلت ذلك رغمًا عني، لأنني لن أستطيع منحهما المال كالسابق، وأوضحت لهما أنني في حاجة إلى بعض الوقت حتى أعود إلى سابق عهدي، لكن ما أبكاني حقًا أن شقيقتي الصغرى عندما علمت بالأمر؛ فاجأتني بإعطائها راتبها كله لي، وقالت: هذا ما أملكه كله، أريد أن أراكما قويين. كذلك فعلت شقيقتي الأخرى؛ حيث أعطتني ما جمعته من مالٍ من تقاعد والدنا، رحمه الله، قائلة: لا أحتاج إلى هذا المال، هو لكِ الآن. ولا أخفيكم؛ ترك موقف شقيقتيّ أثرًا كبيرًا في نفسي، هذا الموقف النبيل منهما لن أنساه ما حييت، وبعد انتهاء أزمتي، والحمد لله، أشعر أنني مهما أعطيتهما من مالٍ لن أوفيهما حقهما عليَّ».
والدتي وزوجتي
رأى صالح آل ورثان، المستشار الإعلامي والناقد، أن لكل أمة ركنًا عظيمًا، وركن هذه الأمة المرأة، وقال: «المرأة هي أساس بناء الأسرة والمجتمع، لذا أحيي كل النساء اللاتي يكافحن لتعليم أبنائهن، وبناء جيل عظيم، ويبذلن جهودًا عظيمة في العمل؛ ليتقدم مجتمعنا ونصل إلى مصاف الدول المتقدمة، ومن جهتي لا أنسى أبدًا والدتي، رحمها الله، التي كانت تقف تحت زخات المطر؛ للاطمئنان على ذهابنا إلى المدرسة، وكلما تذكرت ذلك بكيت من أعماق قلبي، أتذكر أيضًا أنها في حفل أهالي محافظة الأفلاج، بمناسبة العيد، لم تجد مَن يوصلها إلى موقع الاحتفال البعيد عن منزلنا، لانشغال الجميع بتجهيزات العيد، لذا سارت على قدميها مسافة طويلة لتحضره، وتشاهد سباق الفروسية، وتتابعني وتشجعني وأنا ألقي قصيدة بهذه المناسبة، وعندما علمت بحضورها لم أتمالك نفسي، وأجهشت بالبكاء لموقفها النبيل، واضطررت إلى مغادرة الحفل لأخذها إلى المنزل بسبب مرضها، كم كانت سيدة عظيمة! أتذكر كذلك مواقف لزوجتي الإعلامية والكاتبة آمنة الحربي، التي ساندتني طوال مشواري الإعلامي، وعندما أتذكر مواقفها النبيلة أبكي أيضًا؛ لأنها زوجة عظيمة».
أمي الحبيبة
أكدت ناهد الآغا، خبيرة الإتيكيت والإعلامية، أن قصص النساء النبيلات والمؤثرات أكثر من أن نحصيها، خاصة أن المرأة بطبيعتها تؤثر في كل مَن حولها، وقالت: «المرأة التي كانت تبكيني بمواقفها النبيلة هي أمي الحبيبة، التي أعدها الشخص الأول المؤثر في حياتي، لذا لم أخذلها أبدًا، علَّمتني أمي الأدب والتواضع وحُسن معاملة الناس كلهم، الغريب قبل القريب، علَّمتني أيضًا كيف أرسم البسمة على شفاه الجميع، وكيف أساعد المهمومين، علَّمتني كيف أواجه الصعاب وأحقق أهدافي، لذا كلما مدحني شخصٌ لأمر ما، أتذكر أن ما وصلت إليه سببه الأول بعد الله، أمي الحبيبة، فأبكي تأثرًا بذلك».