لم يكن خبر القبض على سيدة الأعمال الصينية «يانغ فينغ غلان»، التي تم تلقيبها بـ«ملكة العاج»، ليمرّ مرور الكرام دون ضجة إعلامية كبيرة، وذلك كونها كانت المسؤولة الأولى واليد التي ترنخت بدماء مئات الفيلة النادرة، من خلال تجارتها بأنيابها في العالم، حيث اعتبرت بأنها أخطر تاجرة عاجّ على الإطلاق. وربما كان أكثر من فَرِحَ بالقبض على «غلان»، الجمعيات التي تطالب برعاية الحيوانات والرفق بهم.
مؤخراً، وتحديداً يوم الأربعاء الماضي 20 شباط / فبراير 2019، قضت محكمة «دار السلام» في تنزانيا، بإصدار حكم بالسجن بحق «ملكة العاج» وصل حتى 15 عاماً، وذلك بعد أن تم اتهامها بتهريب أنياب أكثر من 350 فيلاً يبلغ وزن الواحد منها نحو طنين اثنين، وبما يقارب تهريبها الـ706 أنياب عاجية، مقابل 5.6 مليون دولار أمريكي. كانت قد هرّبتهم بعد اصطيادهم وقتلهم من تنزانيا، إلى عدة دول من الشرق الأقصى والصين، وذلك خلال الفترة القائمة ما بين بدايات العام 2000، وحتى العام 2014.
«ملكة العاج».. على رأس عصابتها
وتنقل لكم «سيدتي» عن صحيفة «ذي غارديان» البريطانية، أن «يانغ فينغ غلان»، البالغة من العمر قرابة الـ 69 عاماً الآن، كانت هي حلقة الوصل بين عدد من عصابات صيد الفيلة غير المشروعة في مناطق ودول شرق القارة الأفريقية، وبين مشترين من الصين والشرق والشرق الأقصى. وأضافت الصحيفة البريطانية، أن العاملين في وحدة التحقيقات الجسيمة الوطنية والجرائم العابرة للحدود الوطنية في تنزانيا، كانوا قد تتبعوا «غلان» منذ أكثر من عام كامل بسرية كبيرة، وبعملية أمنية ضخمة على نطاق واسع قبل التمكن من القبض عليها.
وتابعت «ذي غارديان»، أن «ملكة العاج كانت قد اختفت مؤخراً من تنزانيا التي كانت تقيم فيها، وانتقلت إلى أوغندا، لكنها عادت بعد فترة قصيرة، وحينها تحركت السلطات في الوقت المناسب واعتقلتها». بينت الصحيفة، أنها وبعد اعترافها بالكثير من جرائمها، تم نقلها إلى المحكمة العليا في «دار السلام» التنزانية. ومن جهتهم، علق المسؤولون في جمعية «إيليفانت أكشن»، وهي مجموعة حملات مقرها الولايات المتحدة الأمريكية، بما يخص «ملكة العاج»، واصفين إياها بأنها «أهم مهرب عاج على الإطلاق تم القبض عليه في البلاد».
محاكمة «غلان» وشركائها..
يوم الأربعاء الماضي 20 شباط / فبراير 2019، مثلت ملكة العاج الصينية، برفقة اثنين من شركائها التنزانيين، وهما كل من «سالفوس ماتيمبو» و«ماناسي فليمون» في محكمة «غيسوتو» في دار السلام، وتم اتهامها بتهريب العاج بين العامين 2000 و2014. وبحسب عدد من التقارير الإعلامية، فإن «غلان»، كانت تمارس عملها بتهريب العاج منذ ثمانينات القرن العشرين الماضي. وخلال المحاكمة حُكم على غلان» بالسجن لـ 15 عاماً.
ومن الجدير بالذكر، أنه وبحسب العديد من المصادر، فإن سيدة الأعمال «يانغ فينغ غلان»، والملقبة بـ«ملكة العاج»، هي في الأصل من مدينة «بكين» الصينية، وتعيش في تنزانيا منذ عقد السبعينات، وتحديداً منذ العام 1975، عندما وصلت البلاد للعمل كمترجمة في مشروع صيني لبناء سكة حديد هناك، وأنها تتحدث اللغة السواحلية بطلاقة كبيرة. وبعد فترة من الزمن تمكنت من أن تشغل منصب الأمين العام لمجلس الأعمال الصيني الأفريقي. كما أنها تمتلك أكبر مطعم صيني شعبي في مدينة «دار السلام». إلى جانب العديد من العقارات والسيارات.
من جهتها، علقت رابطة «إيليفانت أكشن»، أنه وفقاً للمعلومات الأولى التي جمعها فريق العمل، فقد كانت «غلان» تتاجر بالعاج منذ العام 2006 على أقل تقدير، رغم وجود تقارير تفيد بأنها بدأت بالعمل قبل ذلك بكثير. وأشارت الرابطة، أن «ملكة العاج»، كانت تعمل مع معظم الصيادين غير المرخصين في البلاد وفي المنطقة. وأنها مرتبطة بعدة شركات مختلفة محلية وأجنبية كلها مملوكة للصين.
ونقلت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية عن «أندريا كروستا»، وهي الشريك المؤسس لرابطتي «إيليفانت أكشن» و«وايلد ليكس»: «هذه هي الأخبار التي كنا ننتظرها منذ زمن بعيد، وأخيراً، المهربة الصينية الآن خلف قضبان السجن، ونحن نأمل أن تقودنا إلى مهرّبين رئيسيين آخرين، ومسؤولين حكوميين فاسدين يعملون في هذه التجارة، ويجب علينا أن نضع نهاية لوقف الصيد غير الشرعي إن كنا نريد إنقاذ الفيلة». وأضافت «كروستا» قائلة: «كل شخص تتعامل معه سيصبح الآن هدفاً لتطبيق القانون».
ساهمت بقتل أكثر من عشرات آلاف الفيلة..
وبحسب التقارير الإعلامية، فإن تنزانيا تعتبر من أكثر بلدان العالم التي تعيش فيها الفيلة الأفريقية، إلا أن تجارة العاج غير القانونية والصيد الجائر وغير المشروع للفيلة هناك، أدى إلى نقصان عددها بشكل كبير، إذ أنه وبحسب إحصائية حكومية تم إصدارها خلال شهر حزيران / يونيو الماضي 2018، فإن تنزانيا فقدت قرابة 60% من الفيلة في البلاد في غصون 5 سنوات فقط، حيث أظهرت البيانات أنه ما بين العامين 2009 - 2014، انخفض عدد الفيلة من 109 آلاف و51 فيلاً، إلى 43. ألفاً و330 فيلاً، وأن لـ«غلان» يد في حدوث هذه الكارثة بشكل كبير.