حتى لا يصير وجهة للسيّاح والزوار ومعلماً من معالم المدينة، وحتى لا يُصبح هو نفسه «بطلاً»، فلا تريد كولومبيا أن يكون «تاجر مخدرات» أحد معالمها، لذلك قامت حكومة البلاد مؤخراً، بتفجير القلعة الخاصة ببارون المخدرات الأشهر في التاريخ، «بابلو أسكوبار»، وذلك بعد أن أصبحت فعلاً وجهة للسيّاح من كل مكان، حيث يأتون لرؤية المكان الذي عاش فيه «أسكوبار»، بشكل مستمر.
«هو رمز للشرّ... »، بهذه الكلمات، وصف «فيديريكو غوتيريز»، عمدة مدينة «ميدلين» الكولومبية، منزل الشهير «بابلو أسكوبار»، وقال بأن البيت الذي يطلق عليه اسم «موناكو»، والذي عاش فيه بارون تجارة المخدرات الأشهر خلال حقبة ثمانينيات القرن العشرين الماضي. صار بكل معنى الكلمة «رمزاً للشر» وهذا ما لا يريدونه لبلادهم، وذلك بحسب ما نقله موقع «عربي بوست»، عن صحيفة الـ«ديلي ميل«Daily Mail» البريطانية.
وكانت الحكومة الكولومبية، قد حضرت لهذا الحدث الكبير، والذي كان عنوانه تفجير منزل «موناكو» المكون من 8 طوابق شاهقة في المدينة، حيث حضر حدث التفجير، ما يقارب الـ 200 شخص من السكان، والجدير بالذكر، أن عدداً من أفراد العائلات، التي كان أبناؤها من ضحايا «بابلو أسكوبار»، كانوا ضمن الحاضرين للتفجير الكبير أيضاً.
تاريخ الجريمة سقط في ثوانٍ فقط..
قلعة «أسكوبار»، أو منزله الشهير المُسمى «موناكو»، كان قد استغرق تفجيره وهدمه أقل من 3 ثوانٍ فقط، حتى سوّي بالأرض تماماً، حيث أسفر التفجير عن صوت مدوٍ انتشر في معظم أرجاء المدينة الكولومبية، كما نتج عن سقوط الطوابق الخرسانية الثمانية، والتي كانت شاهدة على حقبة دموية للغاية من تاريخ كولومبيا، سحابة كبيرة من الدخان استمرت لعدة دقائق قبل أن تبدأ بالاختفاء والتلاشي. ومن المقرر في المستقبل القريب، أن يحلّ مكان منزل «موناكو»، نصبٌ تذكاري لضحايا عصر «إرهاب أسكوبار»، والذي انتهى بمقتله على يد الشرطة في عام 1993.
https://www. youtube. com/watch?v=lhk_yFHaDmo
رمز الشرّ.. وتمجيد العنف
في حديثه إلى وسائل الإعلام المختلفة، قال «فيديريكو غوتيريز»، عمدة مدينة «ميدلين»، إن منزل «بابلو أسكوبار»، قد تحول منذ عدة سنوات إلى وجهة للسيّاح، خاصة أولئك الذين يريدون القيام بـ«جولات المخدرات»، التي يتجول فيها الزائرون في الأماكن المرتبطة بتهريب المخدرات، وبتاريخها الذي أصبح شهيراً بكل العالم بسبب «أسكوبار».
من جهتهم، يرى بعض الخبراء ومتخصصي علم النفس والإجتماع، أن هذه الجولات السياحية، تعمل على «تمجيد» العنف المصاحب لتجارة المخدرات في ثمانينيات القرن العشرين الماضي، حيث عاش «أسكوبار» في مبنى موناكو سنوات عدة حتى العام 1988، عندما قصفه منافسون له. وتخلت عائلة بارون المخدرات عن المبنى وبقي شاغراً منذ ذلك الحين. وأضاف الخبراء أن السياح والزوار وهم يستمتعون بالقصص التي تُروى عن جرأة وعمليات هؤلاء الخارجين عن القانون، يغفلون في الوقت نفسه عن مقتل آلاف وعشرات آلاف الكولومبيين بسبب هذه الأحداث والتجارة.
الرئيس الكولومبي له رأي فيما حدث..
على الرغم من أن حدثاً كهذا، قد يعتبر أمراً عادياً لا يستحق تدخل جهات سياسية عُليا في البلاد، إلا أن الرئيس الكولومبي «إيفان دوكي»، يرى عكس ذلك، إذ أنه وبعد تفجير قلعة «بابلو أسكوبار»، كان قد علق قائلاً: «إنَّ تفجير هذا المبنى الفخم الذي اجتذب حشوداً كبيرة من الزائرين الفضوليين، يشير إلى هزيمة ثقافة اللاشرعية في البلاد». وأضاف الرئيس الكولومبي: «إنَّه يعبر عن أنَّ التاريخ لن يُكتب من منظور الجاني، ولن يُكتب لخدمتهم، بل عرفاناً للضحايا».
ومن الجدير بالذكر، أن مبنى «موناكو»، كان قد صمد أمام هجوم تفجيري، بإحدى السيارات المفخخة خلال العام 1987، حين بلغ القتال أشده بين كل من «كارتل كالي» و«كارتل ميدلين». وكان المبنى يضم مجموعة سيارات «أسكوبار» الكلاسيكية الشهيرة. وصادرت كولومبيا المبنى في العام 1990، واستُخدم في إحدى المرات بصفته مساحة إضافية لمكتب المدعي العام.