يقول الفنان التشكيلي الأسباني «بابلو بيكاسو»: «نعرف جميعاً أن الفن ليس الحقيقة، إنه كذبة تجعلنا ندرك الحقيقة»، وهذا ما ينطبق على الأعمال السينمائية والتليفزيونية التي نشاهدها عبر الشاشات؛ حيث إنّها تُعبّر عن العديد من مشاكل الواقع التي تمس المجتمعات، ولعلّ في قضايا المرأة مادة دسمة، وبالرغم من كثرة الصور والنماذج التي ظهرت بها المرأة في الأعمال العالمية والعربية، ولتعدد الرسائل التي أرادوا إيصالها، يبقى السؤال قائماً، هل عززت الدراما دور المرأة «الضحية»، أم أنّها ساهمت في إبراز قضية تمكين المرأة وقدرتها على الإبداع والعطاء؟
«ضحية» بلا حلول!
محمد الدوسري، كاتب وصانع محتوى، يرى أنه على المستوى الخليجي، ليس هناك أعمال كثيرة تطرح قضية تمكين المرأة بشكل واعٍ، وقال: «غالباً ما تُطرح المرأة كضحية بدون إبداء الحلول؛ فتظهر النساء كضعيفات وتتم خيانتهنّ ويسقطن في الهاوية، في حين أنّ الدراما العالمية سلطت الضوء على إيصال رسالة مفادها، أنّ المرأة قادرة على القيام بما تريد، وغالباً في هذا النوع من الأعمال، يتم ربط قضية تمكين المرأة بقضية أخرى، وعديدة هي الأعمال السينمائية والتليفزيونية التي تناولت هذا الموضوع من خلال سيناريوهات لعصور مختلفة، أذكر هنا بعضاً منها:
- فيلم «Hidden Figures» قصة حقيقية لـ3 نساء من أصل أفريقي، تعرضن للاضطهاد، وتمكنّ من النجاح في مجال الفضاء والمشاركة مع وكالة ناسا أثناء مهمتها للوصول إلى القمر عام 1960م.
- فيلم «Mona lisa Smile»، وفيلم «on the Basis of sex»، يتحدثان عن عصور قديمة كالخمسينات والسبعينات، الأول محفز لنجاح المرأة، والآخر أظهر التغييرات القانونية لصالح المرأة.
- أفلام ديزني تغيّرت توجهاتها، سابقاً كنّا نرى الأميرات يتم إنقاذهن من قبل الآخرين، كالأميرة النائمة وسندريللا، أما الآن اتجهت ديزني لتغيير هذه الفكرة؛ فظهرت شخصيات قوية مثل: «مولان»، و«موانا».
- مسلسل «تكّي» وشخصية «بيان» الإعلامية الإيجابية والقوية، وما حدث لها من مشاكل عند ظهورها أمام الكاميرات.
الفئة الناجحة مُغيّبة
وتقول المخرجة والكاتبة ومنتجة الأفلام «سميرة عزيز»: «الدراما تعكس المجتمع، وأنا كصانعة أفلام؛ فإن ما أُخرجه يُعبّر عن المحيط الذي أعيش فيه، وهذا أمر يقع على عاتقنا، وواجب المشاهد العادي عندما يرى الأعمال التي تُعبّر عن المسائل الخاطئة بالمجتمع، أنّ يراجع ذاته ويُصحح حياته وسلوكه، وعلى صانعي الدراما أنّ يواكبوا المتغيرات السريعة في عصرنا الحالي؛ كوننا نعيش في قرية عالمية صغيرة، وتطّلِع علينا الثقافات الأخرى من خلال الدراما والإعلام، ولا نغفل عن أنّ الأعمال أصبحت تُترجم للغات أخرى؛ مما يزيد من حجم المسئولية».
وتضيف: «على الدراما ألا تُصور المرأة العربية أو السعودية كضعيفة بشكل دائم؛ فهي ليست كذلك، ولعلّ السبب وراء ذلك التمثيل، هو أنّ المجتمع لازال يرى القدوات فئتين، وهما: بعض المؤثرين في الشبكات الاجتماعية والذين لا يُقدمون محتوى نافعاً، والآخرون هم طبقة الأغنياء، وهنا ينبغي على الكاتبات السعوديات وصانعي الدراما، العمل بجدية من أجل صنع أفكار جديدة، وإبراز الفئة الناجحة المُغيّبة عن الشباب والبنات؛ فالناس لم يروا حتى الآن بشكل كبير، الفئة المكافحة الناجحة بالصبر والإرادة».
حقيقة
وبالرغم من دعوة الإعلام الغربي إلى تمكين المرأة بوسائل متعددة، إلا أنّ الأمر لايزال إشكالاً بالنسبة لهم؛ ففي دراسة لجامعة سان دييغو تعنى بالأفلام والنساء، نشرتها صحيفة «نيويرك تايمز» العام الماضي، خلصت إلى أنّ عدد النساء كشخصيات رئيسية في الأفلام، لم يتخط 37%!