لأن تاريخ الشعوب هو جزء أساسي من ثقافتها وهويتها، ومكون هام للغاية تستند عليه الحضارات حتى تثبت وجودها في العالم، لا بد للشعوب من حماية إرثها التاريخي حتى أصغر تفاصيله، ومؤخراً، وافق متحف بريطاني على إعادة خصلتي شعر كانتا قد أُخذتا من رأس الإمبراطور الشهير «تيودروس الثاني» في القرن التاسع عشر، إلى موطنهما الأم إثيوبيا.
ونقل موقع «عربي بوست»، عن صحيفة «ذي غارديان The Guardian» البريطانية، أن متحف الجيش الوطني البريطاني، كان قد قال يوم الاثنين الماضي 4 آذار / مارس 2019، إنه وافق أخيراً على الطلب الرسمي الذي قدمته السلطات الأثيوبية، لإعادة خصلتي الإمبراطور «تيودروس الثاني»، اللتين تعتبران «رمزاً ثقافياً حساساً للإثيوبيين».
ومن الجدير بالذكر، أن المؤرخين ذكروا أن «تيودروس الثاني»، كان قد اختار قتل نفسه بدلاً من أن يسلمهما للبريطانيين، الذين أحكموا سيطرتهم على «مكدالا»، العاصمة الجبلية لإمبراطوريته في العام 1868 من القرن التاسع عشر، وذلك خلال محاولاتهم إنقاذ الأسرى الأوروبيين في أثيوبيا. كما أنه قد تم اختطاف الأمير «أليما يوهو»، ابن تيودروس والذي كان يبلغ من العمر حينها 7 سنوات، بعد معركة مكدالا وأصبح المفضل لدى الملكة فيكتوريا. وقد توفي عن عمر يناهز الـ 18 عاماً ودُفن في كنيسة «سانت جورج» في قلعة «وندسور» بناء على طلب من فيكتوريا نفسها.
وكحال أي صراع عسكري في التاريخ، ذكر موقع «عربي بوست»، أن البريطانيين كانوا قد تمكنوا من الاستيلاء على مئات الكنوز من الدولة الأفريقية، بما في ذلك تاج ذهبي وفستان زفاف تاريخيين، موجودان في الوقت الحاضر ضمن مجموعة متحف «فيكتوريا وألبرت» في المملكة المتحدة.
ومن جانبه، أوضح متحف الجيش الوطني البريطاني، أن عائلة أحد الفنانين الذين رسموا الإمبراطور «تيودروس الثاني» وهو على فراش الموت، هي من أعطته خصلتي شعر الإمبراطور خلال العام 1959. وكانت إحدى الخصلتين مؤطرة بحرف وختم الإمبراطور نفسه. وبدورها، وصفت الحكومة الإثيوبية عرض خصلتي الشعر في المتحف ليراهما الزوار، بأنه عمل «غير إنساني». إذ إنها تريد إرجاع الشعر حتى يمكنها دفنه مع باقي رفات «تيودروس» في دير الثالوث المقدس شماليّ البلاد.
وقالت «تيري ديندي»، وهي رئيسة قسم المقتنيات في متحف الجيش الوطني: «بعد أن قضينا وقتاً طويلاً في البحث عن صحة هذه المعلومات، والحساسيات الثقافية حول هذه المسألة، نعتقد أن طلب الحكومة الإثيوبية بإعادتهما إلى وطنهما معقول، ويسرنا أن نكون قادرين على المساعدة».
وكان السفارة الإثيوبية في العاصمة البريطانية لندن، قد رحبت بهذا القرار من المتحف. وقالت السفارة في بيان رسمي لها: «بالنسبة للإثيوبيين في كل مكان، لأن خصلتي الشعر تمثلان رفات أحد أكثر الزعماء المحبوبين والمبجلين في البلاد، فإنه من المتوقع أن إعادتهما إلى مكانهما الصحيح في إثيوبيا ستثير شعوراً بالابتهاج».