منذ اليوم الأول الذي انتشرت فيه أخبار قيام رجل أردني، بقتل ابنه الصغير الذي لم يتجاوز العامين من العمر فقط خلال إجازة عائلية في تايلاند، ثارت حفيظة الشارع الأردني غضباً على هذه الجريمة البشعة، وتداول الناشطون أخبارها وصورها في كل مكان من صفحات التواصل الاجتماعي، ولكن وكما يُقال فإن «ما خفي كان أعظم»، وفعلاً، ما خفي من تفاصيل هذه الجريمة لا يقل بشاعة عن اقترافها.
تفاصيل الجريمة الأولى، كانت بأن قام الأردني «وائل زريقات» البالغ من العمر 54 عاماً، بربط ابنه الوحيد «عمر» الذي لم يتجاوز عمره العامين بعربة الأطفال، وإلقائه في مياه ميناء إحدى المدن التايلاندية، ليتركه يلاقي مصيره المحتوم. وكل ذلك بعد أن خدع زوجته والدة الطفل «أديان العلي»، البالغة من العمر 25 عاماً، قبل أن تكتشف حقيقة ما حدث وتخبر رجال الأمن التايلانديين.
موقع «العربية. نت»، كشف من خلال لقاء أجراه مع «عصام العلي»، وهو شقيق الزوجة المكلومة وخال الطفل، تفاصيل غاية في البشاعة حول ما حدث، مؤكداً الخال بأن الخلافات كانت قد ظهرت قبل يوم اقتراف الجريمة بكثير، وأن الزوج المجرم كان قد حاول كثيراً في السابق، أن يتخلص من الطفل نهائياً، حتى عندما كان لا يزال الطفل المغدور في رحم والدته.
وروى شقيق الزوجة لـ«العربية. نت»، أن الأمر بدأ عندما تزوج الزريقات، من زوجته الحالية «أديان»، وعلى وجه التحديد بعد عام من الزواج عندما اكتشف بأنها حامل بـ«عمر»، ومنذ تلك اللحظة كرر مطالبتها بأن تجهض الطفل وتتخلص منه إلى الأبد، لكن الأم – بطبيعة الحال – رفضت هذا الأمر نهائياً، والذي ظنت أنه انتهى عندما قامت العائلة بالإصلاح بينهما، وسارت الأمور على ما يرام حتى أنجبت «عمر».
وأضاف «العلي»، أن الزوج لم ينسَ أو يترك الأمر، وعاد مجدداً ليطالب زوجته بالتخلص من الطفل، والتنازل عن جميع حقوقه، ولم تغير «أديان» موقفها واستمرت بالرفض الشديد لهذا الطلب، وبعد فترة أشهر من الخلافات، ادعى «وائل»، أنه يريد أن يُصلح الأمور العالقة في العائلة وينهي كل هذه الخلافات، ورتّب لرحلة عائلية إلى تايلاند، لكنه تعمد بأن يصدر جواز سفر منفصل للطفل بعيداً عن الأم، حيث كان ينوي التخلص منه خارج الأردن، بحسب شقيق الزوجة.
وتابع العلي سرده للتفاصيل الصادمة في هذه القصة، أن «وائل» في اللحظة التي وصلت فيها العائلة إلى تايلاند، أصر على «أديان» أن تتخلى عن طفلها، وأن تتنازل عن كافة حقوقه مرة أخرى، مبرراً هذا الأمر بأنه «لا يستطيع تحمل مصاريف وتكاليف تربية طفل في ظل الظروف الاقتصادية»، على الرغم من أنه يعمل تاجراً ووضعه المالي جيد وميسور الحال.
المجرم يمضي بمخططه البشع..
الزوجة الوحيدة في بلاد غريبة، وبعد أن أعادت مراراً وتكراراً رفضها لمطالب الزوج، قامت بالتواصل مع عائلتها وإخبارهم بما حصل، وعندما عرف «وائل» بالأمر، أخذ هاتفها حتى لا تتمكن من التواصل مع أي شخص، وطلب منها تجهيز حقائبها للعودة لعمان. ثم أخذ الطفل بحجة أنه يريد شراء بعض الحاجيات له، وخلال ذلك الوقت نفذ جريمته مُغرقاً طفله الصغير في «خليج تايلاند»، وعندما عاد إلى مكان إقامته، هددها بأنها لن ترى ابنها مرة أخرى إلا بعد عودتها إلى العاصمة عمان والتنازل عن كافة حقوقها تجاه الطفل، وبعد ذلك، قد يسمح لها بالعودة إلى تايلاند لرؤيته من جديد، وكذب عليها بأن ادعى أنه ترك «عمر» عند أحد الأصدقاء وبأنه بأمان هناك.
وأضاف «العلي» سرده لما حدث، أنه وأثناء وجود «أديان» في المطار، جنَّ جنونها، وبدأت تستنجد برجال الأمن هناك بعد اختفاء زوجها المفاجئ، وحينها أحضرت سلطات المطار مترجماً للعربية، قامت الزوجة بشرح كل شيء حدث معها، وأبلغتهم عن اختفاء ابنها. وعلى الفور، توجهت الشرطة التايلاندية إلى غرفة الفندق، وهناك وجدوا الزوج يجهز حقائبه محاولاً الهرب، وأسرعوا بالقبض عليه، وأوقفوه لـ 4 أيام على ذمة التحقيق، التي أنكر وائل خلالها مكان تواجد عمر.
مصير الطفل خلال كل هذا الوقت..
وكأن «وائل زريقات»، كان يؤخر في الكشف عن مصير ومكان الطفل المسكين، حتى يتأكد تماماً أن مخططه الإجرامي قد نجح تماماً، وبحسب «العربية. نت»، فقد قضى «عمر» خلال الأيام الـ 4 التي مضت في مياه البحر، التي كانت كفيلة ليس بقتله فقط، بل وبتغيير ملامحه كلها، حتى عثر عليه عدد من الصيادين في ميناء «باتايا» الرئيسي، معتقدين في بداية الأمر أنه مجرد «دمية»، حتى تبين أنه طفل غريق. وبعد إبلاغ السلطات التايلاندية وربط عناصر القصة ببعضها تم إخبار الأم بوفاة طفلها مما جعلها تنهار بعدما تعرّفت على الجثة ليتم التأكد من أن عمر مات مقتولاً.
في هذه الأثناء، كانت خيوط القضية قد تكشفت أكثر، ومع ضغط المحققين على المجرم، اعترف بما فعله تماماً، وبأنه كان قد ربط الطفل عمر بعربة الأطفال ورماه في البحر حتى يتخلص منه، مبرراً جريمته البشعة بأنه لا يريد عيش حياة الأبوة، وقام بتمثيل الجريمة أمام السلطات التايلاندية.
وبحسب ما ذكره موقع «العربية. نت»، فإنه قد تم تشريح الجثة التي لا تزال في ثلاجة أحد مستشفيات «بانكوك» حتى هذه اللحظة، وسيتم دفنه في تايلاند بالطريقة الإسلامية بحسب رغبة ذويه، بعد الانتهاء من التحقيقات. وفي النهاية، أكد «العلي» لـ«العربية. نت»، أن أديان ستعود للأردن صباح يوم الخميس 14 آذار / مارس الجاري، بعد أن غادرت إلى تايلاند بتاريخ 6 آذار / مارس مع زوجها وطفلها الذي قُتل ولن تستطيع أن تودعه أو تدفنه في وطنه.
ومن الجدير بالذكر، أن وزارة الخارجية الأردنية، كانت قد أصدرت بياناً رسمياً حول الواقعة التي هزت الشارع الأردني، أكدت من خلاله متابعتها مع السلطات التايلاندية والسفارة الأردنية هناك، لإسراع إجراءات الدفن وإنزال أقصى العقوبة على والد الطفل.