التمثيل، ليس فنّاً سهلاً أبداً؛ فهو موهبة إطلاق شخصيات عديدة داخل الجسد الواحد، تظهر وجوهها فجأة في ملامح الممثل؛ لذلك فالحديث عن فنّ التمثيل عموماً، وعن الفنانين المسرحيين على وجه الخصوص، قد يطول للغاية، ولكن العلم كان له رأيه فيما يحدث داخل الممثل عند تقمصه أيٍّ من هذه الشخصيات؛ حيث أظهرت دراسة جديدة تم إجراؤها في جامعة «ماكماستر» الكندية، أن على الممثلين خلال القيام بأي دور، أن يعملوا على إيقاف جزء من الدماغ.
ووفقاً لما ذكره موقع «روسيا اليوم»؛ نقلاً عن صحيفة الـ«إنديبندنت» البريطانية؛ فإن هذه الدراسة المثيرة التي أجريت مؤخراً، اعتمدت على مسح أدمغة عدد من الفنانين المسرحيين؛ حيث وضع الممثلون خلال التجارب العلمية، في أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، وطلب الباحثون منهم أن يجيبوا على عدد من الأسئلة، كما لو أنهم كانوا لحظتها يؤدون شخصيتي «روميو» و«جولييت» الشهيرتين لـ«ويليام شكسبير»، في مشهد الشرفة من المسرحية.
وتابعت الصحيفة البريطانية، أن العلماء كانوا في حالة من الصدمة، عندما شاهدوا الأنماط المختلفة من النشاط في الدماغ، التي أظهرها هؤلاء الممثلون المسرحيون خلال التفكير في مفاهيم وأشياء معقدة وكبيرة، مثل: الحب والدين؛ إذ وجدوا أن هناك انخفاضاً ملحوظاً في نشاط أدمغة الفنانين، مع تعطل واضح جداً في جزء من «الفص الجبهي» خلال تأديتهم للشخصيات وإجابتهم على الأسئلة، وهذا يشير إلى أن تصوير الشخصية الخيالية يصل إلى بعد آخر مختلف تماماً، وبعيد تماماً أيضاً عن مجرد حفظ وتأدية وتعلم النصّ المكتوب.
ومن جهته، قال الدكتور «ستيفن براون»، وهو رئيس الفريق البحثي في هذه الدراسة، وعالم الأعصاب في الجامعة الكندية، والمتخصص أيضاً في سلوك الدماغ، أثناء مشاركة الناس في الموسيقى والرقص وأشكال الفن الأخرى، قال إن الفكر المعروف والسائد فيما يخص فنّ التمثيل، أن الشخصية المراد أداؤها تستحوذ على كامل الممثل، وهو الأمر الذي يجعله يبحث عن وسائل وطرق تساعده حتى يتفاعل مع الشخصية بالشكل الصحيح، كما أن دكتور «براون» كان قد أشار إلى أن هؤلاء الأشخاص يفقدون بالفعل «شعورهم بأنفسهم، لأنهم يقومون بإسكات مناطق معينة في أدمغتهم، ويسكنون في عقول الشخصيات».
وبحسب الصحيفة البريطانية؛ فقد كان الدكتور «ستيفن براون» وفريقه، يبحثون عن أي اختلاف في نشاط الدماغ - وعلى وجه التحديد الزيادة في هذا النشاط - من الممكن أن يكون وراء الأعمال الفنية، وكانت الدراسة قد فاجأتهم عندما أثبتت أن هناك تناقصاً واضحاً في النشاط الدماغي في بعض المجالات الرئيسة.
وتابعت الصحيفة، أنه وخلال أربع جلسات في أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، كان على الممثلين المسرحيين المشاركين في هذه الدراسة، أن يقوموا بالردّ عبر 4 طرق مختلفة وضمن أربعة سيناريوهات، على الأسئلة التي يطرحها عليهم الباحثون، وكشفت النتائج النهائية لهذه الدراسة، أن نشاط الدماغ يختلف باختلاف السيناريو الذي يتم اختباره.