عندما تجبر الظروف الإنسان العربي تحديدًا على ترك وطنه والبحث عن مكان آخر يضع فيه رحاله فإنّ القلق من الغربة والخوف من مواجهة مصير مجهول هناك يسيطر عليه، وخاصة عندما يستقر في بلد غربي له عاداته وثقافته المختلفة تمامًا عما تربى عليه، ولعل افتقاد المسلمين على وجه التحديد للشعور بالأمان في الدول الغربية بات يسيطر عليهم بعد أن طالتهم العديد من الهجمات العنصرية، لكن قد تختلف هذه النظرة ويتبدل هذا الشعور عندما يجدون المناصر والحامي لهم من قبل حكومات هذه الدول، كما حدث في نيوزيلندا، وذلك بعد أن ساندت المسلمين وتعاملت بحكمة وعدل وإنسانية معهم بعدما تعرضوا للهجوم الإرهابي المميت الذي استهدف مسجدين في مدينة كرايستشيرش، الأمر الذي أثار الاهتمام الخارجي بالانتقال إلى تلك الدولة الواقعة على المحيط الهادئ.
وقال المتحدث باسم إدارة الهجرة النيوزيلندية "جريج فورسيث" اليوم الأربعاء إنه منذ الهجوم الذي وقع في 15 مارس ارتفع بشكل كبير عدد التسجيلات من الأشخاص المهتمين بالعيش والعمل في نيوزيلندا.
مضيفًا:" تلقينا 6457 طلب تسجيل في عشرة أيام من 15 إلى 24 مارس، مقابل 4844 طلبًا في الأيام العشرة السابقة لذلك".
وقال فورسيث:" كانت هناك زيادة كبيرة في التسجيلات من عدد من الدول ذات الأغلبية المسلمة، ولا سيما باكستان 333 من التسجيلات منذ الهجمات، مقارنة بـ 65 في الأيام العشرة السابقة وماليزيا 165، مقارنة بـ 67".
تجدر الإشارة إلى أنّ تعامل الحكومة النيوزيلندية الحازم والرصين مع الهجوم الإرهابي الدموي على المسجدين في كرايستشيرش نال إعجاب العالم الذي تابع رئيسة الوزراء "جاسيندا آردرن" وهي تقود بلادها في هذه المحنة، مظهرة أفضل ما في القيادة من صفات إنسانية، وروح تعاطف وتضامن مع الضحايا وذويهم، كما لقي تعامل رئيسة الوزراء مع الهجوم إشادة واسعة بما في ذلك احتضانها للجالية المسلمة وكذلك تحركها السريع لحظر الأسلحة النارية شبه الآلية بعد أقل من أسبوع على وقوع الهجوم الأمر الذي جعل الغالبية ينادي بوجوب منحها جائزة نوبل للسلام، وبالطبع لا ننسى موقف الشعب النيوزيلندي أيضًا الذي أبدى تعاطفًا مع المسلمين ووقف إلى جانبهم، واستنكر هذا الهجوم العنصري.