مهنة المرأة كـ«مطوّفة» من المهن المتداولة خلال عدّة أزمنة، وبكل مرحلة تاريخية لها شكل مختلف، في السابق كانت هناك عوائل معروفة تقوم بممارسة هذه المهنة باجتهاد منها، ومع تطوّر التنسيق، والترتيب لاستقبال الحجاج، ورعايتهم، والعمل على تسهيل هذا الركن الفضيل، أصبحت هناك لجان منظّمة تضم عدداً من الكوادر النسائية التي تعمل بممارسة مهنة الطوافة بحرفية ومهنية ودقّة، وبترتيب وتعاون مع الدولة، للسعي إلى موسم حجّ خالٍ من العثرات على ضيوف الرحمن بقدر المستطاع.
عن ماهية دور المرأة المطوّفة بالحج تقول الدكتورة سميرة بناني (رئيسة اللجنة النسائية لمطوفي حجاج الدول العربية) لـ«سيدتي نت»: «على الرغم من الجهود التوعوية التي تقدّمها الدولة في توعية الحجاج، إلاّ أن المرأة الحاجة قد تتحرّج، بل وتعجز أحياناً عن طرح بعض التساؤلات النسوية فيما يتعلق بخصوصياتها، فتفقد استيعاب وتطبيق بعض ما يتعلق بمناسك الحج من أركان وواجبات، مع ما قد يعتريها من الوهن والأمراض التي تحتاج لرعايتها من قبل أخوات لها من بنات جنسها».
وحول كيفية مواجهة الصعوبات والمشاكل والعمل على حلها تقول: «كانت فكرة إنشاء مشروع توعوي اجتماعي صحي انطلاقاً من أهداف ومهام اللجنة النسائية الموسمية بالمؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج الدول العربية لموسم حج عام 1434هـ، بمنتدى المطوّفة والحاجة للمساهمة في توعية الحاجة المسلمة، ضمن الحلول العملية لتمكينها من أداء مناسكها على أفضل وجه، مع العناية بإشاعة العلاقات الإنسانية في التراحم والتعاون بين (المطوفة والحاجة) منذ قدوم الحاجة إلى البيت العتيق، وحتى العودة لديارها بسلامة الرحمن.
هذا، مع تبصيرها بأبرز الجهود المبذولة في خدمة ضيوف الرحمن من المشاريع والتجهيزات والمنجزات التي توفّرها الدولة في رحاب الديار المقدسة».
بينما تتجلّى أهمية المرأة المطوّفة باللجنة في عدّة أدوار، منها الدور التثقيفي والتعليمي. وذلك من خلال إقامة العديد من الأنشطة والفعاليات الثقافية بإطلالة شرعية على الحج، وبعروض ثقافية تاريخية إلكترونية، تبرز «رحلة الحج قديماً وحديثاً» لتيسير فهم المناسك بأساليب تقنية عصرية، ووسائل متعدّدة في إطار المسار الدعوي تحت شعار «لقاؤنا عبادة وشرف». وتهدف إلى بثّ الوعي الديني لدى الحاجة بكيفية أداء مناسك الحج، وإشاعة روح التسامح والتواصل الإنساني في العناية بالحاجة أثناء تواجدها بمكة، ونشر التوعية البيئية بنظافة السكن، ومواقع حلولها بالمشاعر المقدسة، وتلاقح الأفكار، وأخذ مقترحات الحاجات في تطوير أساليب التوعية والرعاية النسوية، والتعرّف على الثقافة المكيّة من خلال دور المطوفة في مهنة الطوافة. وتستهدف ضيفات الرحمن من الجنسيات العربية «مصر، والأردن، والسودان، والمغرب، وسوريا، واليمن، والعراق، ودول الخليج».
دور سياحي تعريفي
القيام بالعديد من الجولات التعريفيّة لأبرز المواقع والأماكن الدينية والأثرية بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، كجبل عرفات، ومنى ومزدلفة، ومتحف الحرمين الشريفين، ومصنع الكسوة، وغير ذلك من الأماكن المتواجدة بالديار المقدسة.
وحول العمل على خدمة الحاجات ورعايتهن من كل جانب، كتوطيد العلاقة مع الأخوات الحاجات، واستمرارية التواصل معهن بعد انتهاء موسم الحج، توضح الدكتورة سميرة بناني بالقول: «هنالك خطة تشغيلية، ولها برامج لكل موقع، وذلك عبر اللقاء بضيفات الرحمن بمواقع ثابتة عددها ستة مواقع سكنية للحاجات، تضم مصليات كبيرة لها خصوصية اللقاءات النسائية، وتشرف على كل مجموعة مطوفة وأربع عضوات من بنات الطائفة ودون ذلك، بحيث يتم إطلاق اسم على كل مجموعة بكل موقع تشمل عروضاً حاسوبية لفيلم تعليمي لمناسك الحج، ومسابقة ثقافية عن حرمة البلد الحرام، وتوعية بيئية عن النظافة، ومطويات عن حج المرأة، وأسئلة عن أخلاقيات الحج، ولقاءات تعريفية اجتماعية.. إلخ»، وتصاحبها توزيع استبيانات لتوثيق المعلومات الشخصية لكل حاجة، ومشاعرها نحو الخدمات التي تتلقاها، والصعوبات التي واجهتها لإمكانية استمرارية التواصل معها مستقبلاً.
هذا من جانب توعوي ثقافي اجتماعي، وهناك جانب خدمي رعوي صحي آخر يتناول رعاية الحاجات المريضات المنومات بالمستشفيات، وهي «الششة، والزاهر، وحراء للولادة، والنور، والملك عبدالله الطبية»؛ لمتابعة أحوالهن الصحية، وتخفيف معاناتهن المرضية، والتواصل مع أهاليهن وطمأنتهن، ونحو ذلك، مع توزيع الهدايا المتنوّعة من الورود، والسبح، والمصاحف، والسجاجيد عليهن».