لم يكن فوز الفنانة إليسا بجائزة الشخصية الأكثر تأثيراً على السوشال ميديا مستغرباً، بغضّ النظر عن الجهة التي منحتها الجائزة، والمعايير المستخدمة للجائزة عموماً.
فالفنانة أثبتت على مدى سنوات، أنّها من أفضل الفنانات اللواتي يدرن حساباتهنّ بأنفسهنّ على مواقع التواصل الاجتماعي، تفرد مساحة قليلة للفن، ومساحة أكبر لقضايا اجتماعيّة وإنسانيّة.
لا شكّ أن إصابة إليسا بسرطان الثدي، وشفاءها منه، أحدث انقلاباً جذرياً في حياة الفنّانة واهتماماتها، إلا أنّها قبل مرضها، لم تستخدم يوماً السوشال ميديا لإدارة معارك وهميّة مع زملائها، رغم أنّ معارك المعجبين دائماً تثير الجدل حول الجهة التي تقف خلفها.
لم تكتب إليسا يوماً تغريدة مسيئة لأحد، لم تنجرّ إلى تعليق انفعالي، لم تشتم أحداً رغم أنّ أبشع الشتائم قيلت بحقّها، من قبل متابعين بعضهم ثمّة من يديرهم، وبعضهم الآخر يحترفون الشتيمة كنوع من تعويض النقص عبر الانتقاص من الآخرين، مشهورين كانوا أم مغمورين.
لم تجامل إليسا يوماً ولم تساير، واتّخذت مواقف في السّياسة الداخليّة عادت عليها بالكثير من ردود الأفعال السلبيّة، لكن حتّى من هاجمها لمواقفها، أشار إلى شفافيتها وصدقها في قول الأمور كما هي، دون تدوير الزّوايا، أو أخذ في الاعتبار أنّ ثمة محبّين في المقلب الآخر، قد ينقلبون على فنّانتهم في عالم عربي لا يعترف بالرأي الآخر.
في القضايا العربية، لم تقف إليسا يوماً موقف المتفرّج، منذ أن غنّت "موطني"، إلى أن رفعت الصوت عالياً لنصرة القضايا المحقّة، وآخرها رفضها التنازل عن الجولان لإسرائيل.
في قضايا المرأة والطفل، وقفت إليسا باستمرار إلى جانب حقوق المرأة وتمكينها، من خلال فنّها حيث تطرّقت إلى قضايا العنف ضدّ النساء في كليب "يا مرايتي"، إلى تغريداتها الداعية إلى معاقبة المعتدي وتحسين القوانين التي تكفل حق المرأة، كما رفعت الصوت عالياً في قضايا الحضانة، وتزويج القاصرات، وظاهرة تفشّي حالات الانتحار.
في قضايا الطفل، لم تقف موقف المتفرّج من جرائم راح ضحيّتها أطفال، ودعت إلى تحسين قوانين حماية الطفل.
أما القضية الأبرز التي أخذتها إليسا على عاتقها كانت قضية توعية النساء على أهميّة إجراء الفحص المبكر لسرطان الثدي، وهو ما أنقذها عندما اكتشفت مرضها في بدايته.
كان كليب "إلى كل اللي بيحبّوني" سيف ذو حدين، عمل قد يحصرها في خانة الفنّانة المريضة المثيرة للشفقة، وقد يظهرها بصورة البطلة التي انتصرت على المرض وأخذت على عاتقها مهمّة توعية الآخرين أنّ بإمكانكم أن تنتصروا أيضاً. نجحت إليسا في تغليب صورة المنتصرة، وباتت سفيرة التوعية من المرض الخبيث، غير آبهة بانتقادات واتهامات راحت إلى حدّ القول إنّها استغلت مرضها لتحقيق دعاية لألبومها الجديد، وهي لا تزال تعاني لغاية اليوم من مضاعفات العلاج ومن مضاعفات نقد قاسي فضّلت تجاهله.
تستحق إليسا عن جدارة جائزة الفنانة التي تجيد استخدام السوشال ميديا بصورة صحيحة، فهي لم تعرض يوماً حقائبها وأحذيتها وفساتينها، ومقتنياتها ومجوهراتها، ولم تركب الموجة حباً بالظهور، تغرّد حيث يجب وتبتعد حيث يجب، ناثرة حولها طاقات إيجابيّة، حتى عندما كانت تعاني من المرض وتخفي عن متابعيها أنّها نزيلة المستشفى.
فنانون في حضرة الطبيب النفسي... من حلا الترك إلى يسرا وإليسا تجارب تستحق أن تُروى
إليسا ترفع الصوت عالياً وتستنجد بوزيرة الداخلية