اهتزّ الرأي العام في تونس، إثر بثّ برنامج «الحقائق الأربع» في قناة «الحوار التّونسي»، ليلة الجمعة، والذّي تضمّن تحقيقًا صحفيًا كشف عن سوء معاملة للمقيمين في مركز رعاية المسنّين بمدينة «قرمباليّة» (42 كلم جنوبي تونس العاصمة)، وتعرّضهم للعنف اللفظي وللضّرب والإهانة من بعض المشرفين العاملين فيه.
وقد أبرز التّحقيق، الذّي تمّ تصوير بعض فقراته بواسطة كاميرا خفية، شهادات عن المعاملة القاسيّة والفظيعة التي يتعرّض لها المسنّون في المركز، الذّي يقيم فيه 52 مسنًا (20 امرأة و32 رجلًا) وهم من فاقدي السّند العائلي، وبعضهم من ذوي الاحتياجات الخاصّة، وكلّهم من ضعاف الحال، وجلّهم تخلّت عنهم عائلاتهم، ومن بينهم من غدر بهم الدهر، ولكلّ واحد منهم قصّة حزينة مؤلمة، وقد تنكّر لهم الأقربون إليهم من أبنائهم وذويهم وأهاليهم، ولم يبقَ لهم سوى هذا المركز؛ ليكملوا به ما تبقّى لهم من العمر، بعد أن انقطعت بهم السّبل.
بلا رحمة
ويعمل على رعايتهم كوادر إداريّة وعمال، وتبيّن أنّ ثلاثة منهم، ومن بينهم مديرة المركز، يسيئون معاملة المسنّين، ويعتدون عليهم بالعنف اللفظي، والضّرب بلا رحمة أو شفقة بحالهم.
ومن أخطر ما كشف عنه البرنامج، عبر شهادات بعض المقيمين في المركز، تعمّد بعض المكلّفين برعايتهم بزيادة عدد الحبوب المهدئة لبعض المسنين؛ ليناموا نومًا عميقًا، ويرتاحوا هم من خدمتهم، وأكد عامل رعاية في المركز أن أحد المسنين توفي في حادثة وفاة وصفت بالمريبة؛ نتيجة تلقيه حبوب تنويم، في حين أكدت شاهدة أخرى أنه يتم إعطاء أقراص إضافية لباقي المسنين.
إقالة مديرة المركز
وقد أحدث التحقيق ضجة، وأصبح قضية رأي عام، وأعلنت وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، في بلاغ لها، أنه تقرر -بعد النّظر في التجاوزات التي جدّت بمركز رعاية كبار السن بقرمبالية- إعفاء مديرة المركز من مهامها، وإيقاف «القيم» بالمؤسسة عن العمل.
شكاية إلى القضاء
كما أذنت نزيهة العبيدي، وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، في الإبان لإدارة الشؤون القانونية برفع شكاية جزائية إلى القضاء، في جملة التجاوزات الحاصلة بالمركز، ومتابعة أحد الموظّفين قضائيًا، فيما نسب إليه من شبهات مختلفة، وكل من يثبت تورطه في إلحاق الأذى بالمقيمين بهذا المركز، الذي يخضع لإشراف الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي.
موت مستراب
يذكر أنّ محمّد منصور، الناطق الرسمي باسم محكمة «قرمبالية»، أفاد وكالة تونس أفريقيا للأنباء بأن المركز تتعلق به 3 قضايا، آخرها الاعتداء بالعنف بين 3 موظفين وصحفي، وقضية ثانية مرتبطة بالبحث في الاعتداء بالعنف على المسنين داخل المركز، وقضية ثالثة يتواصل البحث فيها منذ أكثر من سنة، بخصوص الموت المستراب لأحد المسنين.
وكان الصّحفي، الذّي أجرى التّحقيق، تعرّض هو الآخر للعنف والضّرب من أحد الموظّفين في المركز، والذّي حاول افتكاك هاتف الصحفي بالقوة، بعد تفطّنه لتسجيله شهادات بعض المقيمين، وهو نفس الموظف الذّي اعتاد الاعتداء بالعنف على المسنّين.
وبعد بث البرنامج مباشرة، تم إيقافه عن العمل، ورفع قضية عدلية به إلى القضاء.