منذ انتشار الفيديو الخاص بالفنانة هالة صدقي، الذي ادَّعت لاحقاً أنه مفبرك، وحذفته من حسابها الشخصي بسبب الغضب الكبير في تطبيقات التواصل الاجتماعي من قِبل متابعين، وعاملين في الكواليس على خلفية وصفها لهم بـ «الجرابيع وحثالة المجتمع»، اتَّسعت مدارك المشاهدين، الذين اكتشفوا وبالدليل القاطع أن مشكلات الأعمال الفنية لا تتمحور دائماً حول ترتيب الأسماء على «التتر»، أو أجور الممثلين والفنيين، إذ إن هناك أموراً أخرى كثيرة عالقة، أهمها النفاق!
هالة صدقي نجمةٌ مخضرمةٌ، لديها صداقاتٌ قليلةٌ على المستوى الفني مع عددٍ من فنانات جيلها، لكنها في المقابل لا تمتلك أي شعبيةٍ في الوسط الفني، بمعنى أنها لا تمتلك جيشاً من المدافعين والمساندين من المخرجين والفنيين، لذا لا نراها تحظى بدعمٍ مثل الذي تحظى به ممثلةٌ كإلهام شاهين، مثلاً، على الرغم من أنهما من الجيل نفسه، وشاركتا سوياً في كثيرٍ من الأعمال السينمائية، والدليل ما حدث وقت إشكالها الشهير مع مخرج مسلسل «عفاريت عدلي علام»، الذي شاركت في بطولته مع النجم عادل إمام، والفنانة غادة عادل، حيث رفضت أن يُوضَع اسم غادة قبلها في «التتر»، واتَّخذت موقفاً حازماً تجاه ذلك، لكنْ لم يقف إلى جوارها أحدٌ، بمَن فيهم زملاؤها في العمل، أو الوسط الفني، لدرجةِ أنه عندما تم حذف اسمها نهائياً من «التتر» لم تقف إلى جوارها حتى أقلام الصحافة.
وقت تلك الحادثة الشهيرة، كتبتُ عن هالة صدقي متسائلةً: لماذا لم تحظَ فنانةٌ لها باعٌ طويلٌ في الفن، إذ قضت فيه أكثر من نصف عمرها، بأي دعمٍ يُذكر؟! لكن، مع الوقت، تعلَّمت أن ما أعرفه عن الفنان على الشاشة، يختلف تماماً عمَّا يعرفه أهل الكواليس، لذا كانت قاعدة غادة عادل أقوى، حيث تفوَّق اسمها على اسم هالة صدقي، وانتصرت لوجودها، والسبب شعبيتها الجيدة في الوسط الفني، وبين العاملين فيه، من مخرجين وفنانين وفنيين، فهي أكثر لطفاً وتلقائية بينهم ومعهم، وهذا هو المهم.
هناك نجومٌ، نتساءل كيف يحظون بهذا القدر من الشعبية والمحبة بين العاملين في الوسط الفني على الرغم من أنهم ليسوا أبطالاً؟! لنكتشف لاحقاً، أن سلوكهم في الكواليس، هو سلوكهم نفسه على الشاشة، خفيفو الظل، بشوشون، ومتواضعون، بينما للآخرين وجهٌ على الكاميرا، وآخرُ خلفها، يمثِّلون عن الفضيلة والقيم، ويحاربون من أجلها عبر أعمالهم، ومن ثم يتسرَّب لهم مقطعٌ، يقلِّلون فيه من شأن زملائهم، ويستخدمون أبشع الألفاظ في وصفهم!
مشكلة بعض النجوم، أنهم يكتفون بمصادقة النجوم أمثالهم، ولا أقصد النجوم من الممثلين فقط، بل ومن المخرجين والكُتَّاب والمنتجين أيضاً، على الرغم من أنني لم أرَ تلك الصداقات تُسعفهم يوماً! حيث تتفكَّك تلك المجموعات عند الأزمات بدلاً من الالتفاف حول بعضهم بعضاً، عكسَ مَن يتمسَّكون بمصادقة كل فريق العمل، الذي يوجدون فيه، أمام الكاميرا وخلفها، ويتعاملون مع كل فردٍ منهم كأنه فردٌ من عائلتهم، حيث أرى تلك الصداقات الصغيرة جداً المنقذة غالباً.