منذ عدة أعوام، تنتنشر الكثير من الفيديوهات والصور لـ«دببة قطبية» تبدو عليها علامات الإجهاد والتعب والجوع، دببة نحيلة وتائهة تماماً، تسير على غير هدى، كأن هنالك من سلب منها موطنها، وتركها تتشرد في ظروف حياة لا تستطيع احتمالها. نحن نعرف مسبقاً أن «الاحتباس الحراري»، هو ذلك القاتل والغازي الذي دمّر موطن هذه المخلوقات التي تعدّ «ملوك الجليد». ورغم مشاهدتنا للكثير من الصور المحزنة لدببة قطبية تائهة تصارع للبقاء، لم يصلنا إلا قصص القليل منها، ومن بينها قصة الدب الذي أطلق عليه مؤخراً اسم «أومكا».
الرحلة الشاقة
في قرية «تيليتشيكي»، قبالة الشاطيء الهادئ في أقصى شرق روسيا، تفاجأ السُكان المحليون هناك، بوجود دب قطبي ضخم يصل إلى اليابسة، بعد أن قطع ما يزيد عن 450 ميلاً، أي ما يعادل تقريباً أكثر من 725 كيلومتراً، قطعها فوق طوف جليدي انفصل عن القطب المتجمد، حتى وصل القرية الروسية. وهناك، ولحظة أن وطئت قدماه على اليابسة، اتجه مباشرة صوب البشر كأنه يتلمس منهم المساعدة.
ووفقاً لما نقلته «سيدتي» عن صحيفة الـ«ديلي ميل» البريطانية، فقد كانت ملامح الإجهاد والتعب والضعف، واضحة للغاية على جسد الدب المفترس، الذي فقد بسبب الرحلة الطويلة، والظروف القاسية التي حلت بمكان عيشه، كل قوته وصلابته. وبحسب تقارير صدرت عن مصادر رسمية في شبه جزيرة «كامتشاتكا»، التي تقبع في أقصى شرق سيبيريا. فقد كان الدبّ المتعب يتسلق بأطرافه الأماميات نوافذ منازل أهل القرية بحثاً عن الطعام والمساعدة، الذين بدورهم شعروا بالذعر بداية الأمر عن رؤيتهم «دباً قطبياً» أمام منازلهم.
ولكن سرعان ما أدرك أهل القرية الروسية، التي لا يتجاوز عددهم الـ 1750 نسمة، أن الدبّ تائه عن موطنه الأصلي، وحاولوا مساعدته من خلال تقديم الأسماك له، وكانت الشرطة تراقب ما يحدث عن كثب، منتظرة قدوم المساعدة لإعادة الدب إلى القطب الشمالي. وأشار الخبراء في الحياة البرية، إلى أن الدب الذي أطلقوا عليه اسم «أومكا»، هو ذكر صغير في العمر، كان قد علق على طوف جليدي انفصل عن المنطقة المتجمدة قبالة شاطئ «تشوكوتكا»، وظل على متنها بعيداً عن موطنه حتى وصل تجاه الجنوب إلى القرية المأهولة. وكان «أومكا» مصاباً بجرح في مخلب أحد أطرافه الأمامية. وبحسب الـ«ديلي ميل»، فقد قطع الدب رحلة تقدر مسافتها كالمسافة ما بين مدينتي «لندن» إلى «أدنبرة» في المملكة المتحدة.
https://www. youtube. com/watch?v=hNXx9BE2d_Y
بانتظار لحظة الإنقاذ..
من جهتها، أشارت «سفيتلانا غوباريفا»، نائب الرئيس في قرية «تيليتشيكي»، إلى أن الدبّ التائه «أومكا» في بادئ الأمر، كان يتحلى ببعض القوة والنشاط، ولكن مع مرور الوقت، ورغم قيام أهالي القرية بتقديم الطعام له من أسماك ولحوم الفقمة، بدأت تظهر عليه علامات التعب، حتى أنه ولسبب مجهول لم يكن يلتقط الطعام الذي يلقيه له السكان.
وتابعت «غوباريفا» حديثها، أن المسؤولين في «كامتشاتكا»، كانوا قد طلبوا مساعدة السلطات الروسية متمثلة بوزارة الطوارئ، لإنقاذ الدب «أومكا»، وبيّنت أنه الآن يتمدد متعباً بالقرب من الخليج على الجليد، في منطقة قريبة من مركز الشرطة. مؤكدة أن رجال الشرطة يراقبونه حتى لا يقترب أحد منه.
أما «فلاديمير غوردينكو»، وهو رئيس الحياة البرية في الإقليم، فقال موضحاً أن الدببة القطبية تنجرف عادة في حالات قليلة ونادرة كما حدث مع الدب «أومكا»، وتابع أنه عند حدوث ذلك، فلا يمكن لهذه الحيوانات أن تعود إلى موطنها «تشوكوتكا» بمفردها، ولن يتم ذلك إلا بمساعدة من البشر. كما أن طبيعة الطعام الموجودة في «كامتشاتكا» عادة ما تكون غير مناسبة لها. وهو الأمر الذي يؤدي في الكثير من الأحيان إلى نفوقها.
«سيرجي خاباروف» أحد المسؤولين في «كامتشاتسكي»، أكد لوسائل الإعلام الروسية، أن «فلاديمير إليوكين»، الحاكم الإقليمي في المنطقة، يسعى إلى تنظيم عملية طارئة لإنقاذ الدب «أومكا». وأشار إلى أنه في الوقت الحاضر، يتم صنع قفص ضخم خاص، لنقل الدب التائه إلى موطنه الطبيعي. وفور وصول المختصين إلى قرية «تيليتشيكي»، سوف يقومون بتخديره أولاً، ثم تقديم الرعاية الصحية اللازمة له، ومن ضمنها علاج مخلبه المصاب، قبل أن يتم نقله.