انطلقت مسلسلات رمضان في اليوم الأوّل من الشهر الفضيل وسط منافسة حامية دفعت بصنّاع كل عمل إلى رفع السقف عالياً. منهم من اعتمد أسلوب الصدمة من الحلقة الأولى، ومنهم من أراد أن يكون التشويق تصاعدياً، ومنهم من اعتمد على نجوميّة أبطاله فحسب.
الحلقات عرضت على مختلف الشاشات بطريقة باغتت الجمهور، إذ أنّ المحطّات لم تعلن عن موعد عرض المسلسلات خوفاً من المنافسة، ما ضيّع على المشاهدين فرصة مشاهدة أكثر من مسلسل.
"سيدتي" ترصد لكم مجريات الحلقات الأولى، بعضها يبشّر بالخير، وبعضها يوحي بأن لا جديد ينتظر المشاهد، وبكل الحالات يبقى الحكم على نجاح أو فشل أي مسلسل من الحلقة الأولى مجحفاً، باستثناء "باب الحارة" الذي سقط وأسقط معه ألف باء الدراما.
الهيبة- الحصاد:
غارقاً في الدموع والنواح والصراخ انطلق "الهيبة الحصاد"، لم يرد صنّاع العمل لشاهين (عبده شاهين) أن يموت، أسعفه جبل (تيم حسن) إلى المستشفى، وفي قريته استمرّت مراسم العزاء التي استهلكت الحلقة الأولى كلها، لتنتهي على وصول أخبار "الهيبة" إلى وسائل الإعلام، التي تناقت أخبار البلدة الخارجة عن القانون وزعيمها التي لم تسرّب له أي صورة بعد، ما يمهّد لعلاقة قد تجمعه بالإعلامية نور رحمة (سيرين عبد النور) التي ناقشت في برنامجها التلفزيوني قضية جبل المتواري عن الأنظار.
متابعة الحلقة كانت مرهقة، فالأحداث بدأت من حيث توقّفت أحداث الموسم الأوّل، وكان على المشاهد أن يتذكّر أحداثاً مرّت قبل عامين، ولأنّ نادين نجيم غادرت العمل، فقد وجد لها صنّاع المسلسل مخرجاً بعودتها مع ابنها من زوجها الأوّل إلى كندا، بعد أن سمح لها جبل بالسفر بسبب تأزّم الأوضاع في "الهيبة"، ولم يؤتَ على ذكر ابن جبل الذي أنجبه منها، ما قد يؤشّر إلى أنّ الطفل لم يكن أكثر من مجرّد حلم راود جبل. وهي النقطة الأضعف في الحلقة الأولى، رغم أنّه لم يكن بالإمكان أفضل ممّا كان مع تبدّل الأبطال والأحداث.
سيرين عبد النور أطلّت وفق المبرّرات الدراميّة في المشهد الأخير فحسب، ليبدأ دورها فعلياً من الحلقة الثانية التي تؤشّر لأحداث جديدة، بعيداً عن المهمّة المستحيلة في استحضار أحداث شاهدها متابعو المسلسل قبل سنتين ونسيوا معظمها.
خمسة ونص:
لم يكن وضع الحلقة الأولى من مسلسل "خمسة ونص" مختلفاً عن جو "الهيبة الحصاد"، إذ بدأ بجنازة وبكاء وعويل استهلك الحلقة الأولى بكاملها.
توفي شاب بحادث سير، كانت والدته (رولا حمادة) ووالده الوزير السابق (رفيق علي أحمد) بطلا الحلقة الغارقة في الدموع. حادث سير كان كافياً لتقطع المحطات التلفزيونيّة بثّها لتنقل وقائعه، ثم تقطع بثّها لاحقاً لتنقل وقائع الجنازة.
الحادث استدعى حضور أخ الشاب غير الشقيق (قصي الخولي) من سوريا، لإلقاء النظرة الأخيرة على شقيقه.
الدكتورة بيان (نادين نجيم) طبيبة والده، أثارت إعجابه من النظرة الأولى، أما بطل المسلسل الثاني معتصم نهار، فلم يكن حضوره في الحلقة الأولى كافياً لتسليط الضوء على دوره.
الأحداث المتوقّعة قصّة حب، فزواج، فخيبة أمل، بحسب إعلان المسلسل، وما رشح عنه من أحداث.
نادين تلعب دور الطبيبة، التي تعاني من مشاكل أسريّة ومن علاقة متوتّرة مع والدتها.
الحلقة الأولى خلت من أحداث تشويقيّة، في سياسة يبدو أن صنّاع العمل أرادوها تصاعديّة، إلا أنّ الحلقة بالعموم كانت جيّدة، تؤشّر إلى عملٍ لن يمرّ مرور الكرام.
بروفا:
وفق الدعاية التي سبقت المسلسل، توقّعنا أن تبدأ الأحداث في مدرسة مع طلاب لكل منهم مشاكله الخاصّة، إلا أنّ القصّة بدأت من مكان آخر.
ليال (ماغي بوغصن) تبحث عن وظيفة، لديها الكثير من الأحلام والطموحات، تأتيها الفرصة في مطعم تعزف فيه للساهرين الموسيقى، ما يؤشّر إلى أنّ ستكون معلّمة موسيقى في المدرسة التي تدور فيها الأحداث.
أما ماجد (أحمد فهمي) ففي الحلقة الأولى لم تظهر ملامح دوره بعد، باستثناء مشاكله مع زوجته التي تنتهي بالانفصال، قبل أن يقتحم المطعم حيث تعزف ليال التي يلتقي بها صدفةً، طالباً الحديث معها.
الطلاب بدورهم ظهروا تباعاً، مشاكلهم بدأت تظهر بصورة غير مباشرة، بعيداً عن الوعط والتلقين المباشر. من الفتاة التي تعاني من وزن زائد ومن نظرة دونيّة تجاه نفسها، إلى الصبيّة التي تعاني من عنصريّة زملائها تجاهها بسبب لون بشرتها الداكنة، إلى مشاكل الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي، والعلاقات الشائكة بين الأهل وأولادهم المراهقين.
من المبكر الحكم على العمل، إلا أنّ الحلقة الأولى كانت بمثابة انطلاقة موفّقة للمسلسل، أعطت لمحة عن أبطاله، قصصهم، علاقاتهم المتشابكة، ومهّدت لأحداث أكثر تشويقاً في الحلقات المقبلة التي تخرج من سياق البطولة المطلقة لنجوم الصفّ الأوّل وحولهم تدور أحداث جانبيّة.
الكاتب:
في استثمار لنجاح الممثل باسل خياط والممثلة دانييلا رحمة في مسلسل "تانغو" الذي كان مفاجأة رمضان 2018، انطلق مسلسل "الكاتب" الذي لم يخرج من إطار التشويق والحبكة البوليسيّة على طريق "تانغو".
يونس جبران (باسل خياط) الكاتب المعتدّ بنفسه، المغرور، الذي لا يوحي مظهره بأنّ خلف قناع وجهه البارد ثمّة سلام داخلي، بل يوحي أنّه أشبه ببركان قد ينفجر، من علاقته المتوتّرة بطليقته، إلى علاقته السريّة غير المتكافئة بصبية جامعية، تمارا التي يتم العثور عليها مقتولة في نهاية الحلقة الأولى، بعد أن تقترح عليه قراءة رواية كتبها صديقها ومن هنا تبدأ الأحداث.
يقرأ الرواية بتمعّن ويشعر بصدمة حادّة، يترك للمشاهد التحليل، ربّما شعر أنّ ثمّة شاباً سيزيحه عن عرش الروايات البوليسيّة، وربّما عشق الرواية فأراد نسبها لنفسه، يستدعي الشاب ويطلب منه تمزيق النص الذي ينتحل اسم رواية.
أما دانييلا رحمة التي تلعب دور المحامية، فهي معجبة بيونس الكاتب، تقرأ رواياته بشغف، وتتقاطع اهتماماتها كمحامية مع اهتماماته ككاتب يكتب عن الجريمة بأسلوب ذكي وغامض.
المسلسل انطلق انطلاقة قوية، تبشّر بأحداث تصاعديّة تستحق المشاهدة، إذا ما عرف صنّاع المسلسل استثمارها بصورة ذكيّة بعيداً عن التكرار والروتين والملل.
باب الحارة الجزء العاشر
باب الحارة هو المسلسل الذي نجح في تحقيق إجماعٍ من مشاهدي حلقته الأولى بأنّه نكتة العام.
الحارة احترقت، والأبطال ماتوا، ومن بقي منهم انتقل إلى حارة أخرى، والشارة تغيّرت وصنّاع العمل تغيّروا، لكنّ الثابت هو اسم المسلسل الذي لم يعد يشبه نفسه.
على الهاشتاغ المخصّص للمسلسل، كان الضحك سيّد الموقف، لم يصدّق بعض المشاهدين أنّ ما يعرض على الشاشة مرّ على المونتاج أصلاً وتمّت إجازته كمادّة صالحة للعرض، وتحسّر آخرون على أمجاد "باب الحارة" طالبين من القيّمين على الجزء العاشر أن ينهوا المهزلة في هذا الجزء، ليحفظوا تاريخ المسلسل يوم كان ثورياً يبثّ الحماسة في نفوس المشاهدين، فتحوّل إلى نكتة سمجة بسبب إصراره منتجه على استثمار اسمه كمنتج تجاري فقد قيمته بعد أن فقد جودته ولم تعد تشفع له حتى الذكريات الطيّبة التي تركها في نفوس المشاهدين ذات يوم.
الماراثون الدرامي لا يزال في بدايته، الأعمال مفتوحة على كل الاحتمالات، والنتائج الفعليّة لنجاح المسلسل في شدّ المشاهدين لن تظهر إلا مع انتهاء الأسبوع الأوّل من شهر رمضان، حيث سيكون لنا وقفة مع كل مسلسل لتقييمه بعيداً عن الأحكام المتسرّعة.
شاهدوا أيضاً :أزياء النجمات في مسلسلات رمضان 2019
يوم سعيد في حياة هاندة أرتشيل لهذا السبب
مؤتمر "الكاتب:" حضر باسل خياط ودانييلا رحمة وصنّاع العمل... وظلّ الغموض بطل القصّة