شهد «صندوق الدنيا» انجذاب الكثير من أبناء وبنات الجيل الحديث من زوار مهرجان «مسك جدة التاريخية» الذي انطلق يوم أمس الأربعاء، باعتباره أداة ترفيهية جديدة عليهم كونهم يعيشون عصر التقنية بكامل تفاصيله.
وصندوق الدنيا هو صندوق كبير مغطى بالكامل ماعدا 6 فتحات يسدل عليها الستار لإخفاء أسرار متعددة خلفها، يبدأ البوح بها فور إدخال الزائر رأسه من إحدى الفتحات وإزاحة الستار عنها.
ويبدأ المسؤول عن الصندوق بترتيب الأطفال واحداً تلو الآخر على دكة يجلسون عليها، ويدخل الطفل رأسه خلف قماشة تغطي رأسه لينظر في عدسة يشاهد خلالها قصصاً مصورة، إذ تعمل العجلة الدوّارة في الآلة كمصراع لتمكن الآلة من عرض مجموعة من الصور، فتكون النتيجة عرض شبه حقيقي للحياة يستغرق دقائق معدودة مندمجاً مع الصور المتحركة، يشاهد فيها صور وحكايات رويت في حقبة جدة القديمة.
وقبل ظهور عصر التلفزيون والسينما، كان الأطفال يتسمرون على شكل دائرة عند جداتهم وأجدادهم، لسماع قصصهم وحكاياتهم القديمة عن "الشاطر حسن، وشجاعة الفرسان، وكرم الرجال، وكانت حناجر الرواة وتفاعلهم وسائل جذب للأطفال، وتطور المشهد ليتحول إلى صندوق يحمله على ظهره أحدهم.
وصاحب هذا الصندوق يجول به في الشوارع منادياً «قرّب قرب.. اتفرج يا سلام»، فيهرع إليه الأطفال ببعض نقودهم في ذلك الوقت ينشدون المتعة، وعُرف لاحقاً باسم "صندوق الدنيا" ويحاكي في عصرنا الحاضر قصص «ميكي ماوس وبطوط المصور».
وتعود نشأة «صندوق الدنيا» إلى القرن الخامس عشر الميلادي، حين كان يقص الحكواتي قصصاً ملحمية مستخدماً صوراً ملونة تخدم مشاهد قصته من خلال ذلك الصندوق الذي حمل أسماء كثيرة، منها، «صندوق العجب» و«صندوق الفُرجة»، وظهر في بلدان مختلفة من العالم، وفي أوروبا والصين والهند والعالم العربي، وبدأ يضعف وجوده منذ منتصف القرن العشرين، واقتصر على المناطق النائية عن الإرسال التلفزيوني الجديد ثم شيئاً فشيئاً لم يعد له أثر سوى في الأدب و الأعمال الفنية.