يقال إنَّ كلمة عيد تعود إلى كثرة عوائد الله على عباده من غفران للذنوب، فعيد الفطر يأتي بعد صيام شهر رمضان المبارك، وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وبذلك فالعيد يأتي بعد العبادة والغفران، والعيد هو يوم الجائزة للعبد المؤمن الذي صام شهر رمضان إيماناً واحتساباً لوجه الله، وكذلك عيد الأضحى الذي يأتي بعد العشر أيام من ذي الحجة المباركة في موسم الحج العظيم، الذي يعدّ من أكبر شعائر الإسلام.
وبعد يوم عرفة الذي جعل الله فيه المغفرة العظيمة لعباده، أمَّا أصل كلمة عيديَّة فهي لفظ اصطلاحيّ أطلقه النَّاس على كلِّ ما كانت توزِّعه الدولة أو الأوقاف من نقود في موسميّ عيد الفطر وعيد الأضحى، كتوسعة على أرباب الوظائف، وقد أخذت العيديَّة الشَّكل الرسميّ في العصر المملوكيّ, وأطلقوا عليها "الجامكية" وكانت تقدَّم العيديَّة على شكل طبق تتوسَّطه الدنانير الذهبيَّة، ويحيط به الكعك والحلوى، وتقدَّم العيديَّة من السلطان إلى الأمراء وكبار رجال الجيش، كما تقدَّر العيديَّة حسب الرتبة التي تقدَّم لها، ثمَّ أصبحت مع مرور الأيَّام تقدَّم في الأسر العربيَّة كمنحة من الكبار للأطفال الصِّغار، ثمَّ أصبحت هبة وسمة من سمات العيد التي يتهافت عليها الكبار والصِّغار.
"سيِّدتي نت" سأل بعض الأشخاص من مراحل عمريَّة مختلفة عما تعنيه لهم كلمة عيديَّة، وتمثَّلت إجاباتهم في ما يلي:
بدايةً تقول دان طوري (طالبة ثانوي): "العيديَّة شي جميل جداً، فمنذ كنَّا صغاراً ونحن ننتظر العيد من أجل الجمعة والعيديَّة، ونرى من سيعطي عيديَّة أكثر من الآخر، وكانت دائماً عيديَّة الشَّباب أكثر من البنات، ولكنَّها ليست مشكلة، فالفرحة بالعادة ليست بالعدد، وقد تربَّينا على أنَّ رد العيديَّة يعتبر عيباً، لذلك أنا لا أردُّها، ولكن أحياناً لا أحب أخذها لو كانت من شخص لا أحبّه، وفجأة أجد أمي تعطيني نظرة من بعيد أنَّ ردَّها عيب، فأقوم بأخذها وأنا أبتسم، وطبعاً كل عيد له حكايته مع تجميع العيديَّة وخطط إنفاقها".
أمَّ عماد الحربي (موظَّف) فيتحسَّر على أيَّام الطفولة التي ولَّت بدون عيديَّة، ويقول: "كنت أتمنى أن آخذ العيديَّة، لكن وفقاً لأعرافنا في الديرة، لم يكن هناك عيديَّة ولا فلوس ولا حلاوة، وكان العيد سواءً الفطر أو الأضحى حفلات على الذبائح والولائم فقط، وكنت أسمع أنَّ الأصدقاء في جدة في حي النزلة اليمانية يأخذون عيديَّة، وأشعر بالقهر؛ لأنني لم آخذ العيديَّة".
ويقول الفنَّان منار شاهين: "العيديَّة تعتبر عادة جميلة، وتقرِّب القلوب، وتقوي من صلة الرحم، وتقرِّب الأحبَّة، وتمدُّ بالألفة والمودَّة والمحبَّة والتسامح لأمد طويل، وعندما كنت صغيراً، كنت أسعد بالعيد والعيديَّة ورؤية الأقارب، والآن بعدما كبرت أكون سعيداً بإعطاء الصِّغار العيديَّة، وينشرح صدري، ويتجلل كثيراً برؤية ابتسامة الأطفال، والعيديَّة ليست ماﻻً بقدر ما هي هديَّة وفرحة بدخول العيد، ولها رونقها وطابعها الخاص خصوصاً للنِّساء والأطفال".