لا شك في أن مسلسل دقيقة صمت للمخرج شوقي الماجري، يعدّ من أكثر المسلسلات متابعة في شهر رمضان المبارك الفائت، عدا عن تعلق الجمهور بمتابعته لأسباب تتعلق بالتشويق ومعرفة مصير الشخصيات الذي بقي معلقاً مع نهاية كل حلقة. و بالمقابل، مع الاهتمام الجماهيري بالمسلسل برزت أسماء من النجوم المشاركين به، وخصوصاً النجمين السوريين فادي صبيح الذي أدى شخصية " أبو العزم " و خالد القيش الذي أدى شخصية "العميد عصام شاهين" والتي نالت استحسانا كبيرا لأدائها، إلى جانب النجم عابد فهد في بطولة المسلسل. فقد برز صبيح بشخصية شعبية قريبة من الجمهور، زيّنها بمصطلحات و عبارات خاصة أصبحت لازمة يرددها الشارع خلال عرض المسلسل و بعد انتهائه، و لعل في مقدمتها عبارة " يا إنسان " التي كان يستخدمها صبيح بشكل متكرر خلال أحاديثه في المسلسل. ويبدو أن صبيح استطاع أن يكرس حضوره هذا الموسم بعد التفوق الذي حققه في الموسم الماضي بشخصية " أبو الخيل " في مسلسل " فوضى " و قبل ذلك شخصية " أبو مقداد " في سلسلة " الولادة من الخاصرة " و قبلها شخصية " سلنكو " في مسلسل "ضيعة"، حيث رافق كل هذه الشخصيات مصطلحات خاصة تفرّد بها صبيح ولا يزال يرددها الجمهور بكثرة وأصبحت لازمة في الشارع .
ويمكن القول إن صبيح تحول إلى نجم شعبي قريب من الجمهور بشكل كبير بسبب طبيعة الشخصيات التي يؤديها و التي تغلفها الكوميديا السوداء في أشد لحظات الخوف و الحزن و القلق، وهو ما جعله خياراً أساسياً لدى المخرجين للتصدي لهذا النمط من الشخصيات الصعبة و ليجد نفسه في مصاف النجوم الأوائل بعد أن برع قبل ذلك بأداء الأدوار الأساسية أو الثانية، عبر تراكم طويل من الأعمال و الجهد الذي بذله .
في " أبو العزم " تعامل صبيح ببساطة و بأسلوب السهل الممتنع، فكانت الشخصية من الشارع و إلى الشارع. ولربما أكثر ما يميز النجم السوري أنه يؤدي بعفوية متقنة وهنا سر تميزه، فلا يبالغ و لا يستسهل بنفس الوقت فتكون شخصياته من الشارع و إلى الشارع، وتلامس الحياة و الواقع بأسلوب خاص جداً، جعل له مكانته لدى الجمهور الذي أحبه .
بالمقابل، أحسن النجم خالد القيش استغلال المساحة التي أفردت له و تعامل مع شخصية صعبة مركبة بمواقفها و ظروفها و حالاتها النفسية بمنتهى الذكاء، فأوسع المساحات لنفسه وأبرز قدراته التمثيلية من دون استعراض او مبالغة. ولعل الحلقات الأخيرة كانت الفيصل في الحكم على جودة أداء القيش، لأن الحكم على طبيعة هذا النوع من الشخصيات لا يمكن في منتصفها بل " العبرة في الخواتيم " كما يقال، وهو استطاع أن يثبته في الحلقات الأخيرة، فامتلك تكنيك وعفوية و صرامة الشخصية و قوتها و ضعفها بنفس الوقت، ليمسك مقاليد حكايته و يحركها كما يشاء بعيداً عن استعراضات أو صراخ أو تمثيل، ولعل سر نجاح القيش في شخصية عصام هو هدوؤه التمثيلي وانفعالاته الصحيحة في الوقت و المكان المناسبين، بعيدا عن البهرجة الزائدة أو صراع الأناقة .