طوال عقود طويلة، ظلت الثقوب الضخمة الغامضة التي كانت تظهر في الجليد البحري بالقطب الجنوبي، لغزاً مجهولاً لطالما أثار حيرة العلماء في كل العالم. فهذه الثقوب الكبيرة التي تتشكل فجأة لمدة تمتد من عدة أسابيع إلى شهر قبل أن تختفي فجأة أيضاً، كانت تتحول إلى واحة لطيور البطريق والحيتان. ولكن، يبدو أن العلماء خلال الفترات القليلة الماضية، تمكنوا أخيراً من حلّ هذا اللغز.
ونقلاً عن صحيفة «ذي صن» البريطانية، ذكر موقع «روسيا اليوم»، بأن هذه الثقوب الغريبة التي يطلق عليها العلماء اسم «بولينيا»، كانت قد ظهرت خلال الفترة ما بين العامين 1974 و1976 في «أنتاركتيكا»، وحينها فُقدت مساحة من الجليد البحري، تم تقديرها بحجم دولة «نيوزيلندا»، بسبب انتشار عدة «بولينيات» ضخمة في وقت واحد.
وتابعت الصحيفة البريطانية، أنه خلال الأسابيع القليلة الماضية، عادت هذه الثقوب الغامضة للظهور من جديد، الأمر الذي أعاد فتح ملف دراستها في محاولة لفهم كيفية تشكلها واختفائها المفاجئ هذا. حيث أشار عدد من الباحثين المختصين، بأنه على الرغم من قيامهم بتحليل العديد من المشاهد التي تم التقاطها لهذه الثقوب عبر الأقمار الصناعية، إلا أنهم لم يتمكنوا من تفسيرها أبداً.
ووفقاً للدراسة الجديدة التي أجراها عدد من العلماء في جامعة «واشنطن» بالولايات المتحدة الأمريكية، فإن هذه الـ«بولينيات» التي ظهرت مؤخراً، والتي تغطي كل واحدة منها مساحة تقدر بحجم «سويسرا»، ناجمة عن عدد من الظروف الجوية المختلفة، وعدة دوامات نشأت تحت الماء. وتابعت الصحيفة، بأن الباحثين قاموا بوضع «روبوتات» مرتبطة بأجهزة استشعار حساسة على عدد من حيوانات «الفقمة» التي تعوم وتسبح بالمياه في هذه الثقوب، ومهمة هذه الـ«روبوتات» القيام بتتبع الظروف الجوية والمحيطات حول بحر «ويدل Weddell» في «أنتاركتيكا».
وأضافت «ذي صن»، أن الباحثين اكتشفوا أنه لا بدّ من تجمع عدد من العوامل الطبيعية في الوقت نفسه، حتى يتم تكوين الـ«بولينيا». مشيرين إلى أن سرعة الرياح العالية تعمل خلال العواصف الثلجية التي تضرب القارة المتجمدة، على دفع الجليد حول تلك المنطقة، بالإضافة إلى وجود تأثير جبل تحت الماء على تلك المياه يطلق عليه العلماء اسم «ماود رايز Maud Rise»، لتحدث دوامات في الأعلى.
وأضاف الباحثون الأمريكيون خلال هذه الدراسة الجديدة، أن التحليل يُظهر أنه عندما تكون المياه السطحية مالحة بشكل خاص، من الممكن أن تؤدي العواصف الشتوية القوية حينها إلى انقلاب في دورة المياه. حيث يتم دفع المياه الأكثر دفئاً وملوحةً حينها من الأعماق إلى السطح، وهو الأمر الذي يخلق حلقة تغذية مرتدة لا يمكن الرجوع عنها.