على الرغم من محاولات مشاهير الفن والأدب إخفاء أسرارهم ومشاعرهم ودفنها في صندوق أسرارهم الأسود الغامض، وبعد الظن بأنهم نجحوا في ذلك خلال عقود طويلة جداً، يخرج شيء ما يعود لهم، أو واحدة من مقتنياتهم الغريبة والمشؤومة للظهور فجأة دون سابق إنذار لتكشف أخطر أسرار حياتهم وموتهم، وحدث هذا الأمر فعلاً حين ظهر مسدس الرسام الهولندي الشهير فان جوخ، ويعتقد أنه أنهى حياته منتحراً بهذا المسدس الأثري، وأثبت التحليل العلمي أنه بقي مطموراً تحت التراب لفترة من الزمن، قد تتوافق مع العام الذي انتحر فيه الفنان.
المسدس الذي انتحر فنسنت فان جوخ به عام 1890م برسم البيع
يُعرض المسدس الذي قد يكون استخدمه الرسام الهولندي فنسنت فإن جوخ ليضع حداً لحياته في 27 يوليو (تموز) 1890. للبيع في مزاد علني في باريس الأربعاء المقبل في قاعة دروو.
وتطرح دار «أوكشن آرت - ريمي لو فور» هذا المسدس وهو من ماركة «لوفوشو»للبيع، وهو من عيار 7 مم، وله قيمته التاريخية والأثرية بامتلاك الرسام الهولندي الشهير فنسنت فان جوخ له في سنواته الأخيرة، واختاره لإنهاء حياته به، حسب ما ذكرت وكالات الأنباء ووسائل الإعلام العالمية في نشراتها الإخبارية وقناة «إم بي سي» العربية، وموقع «العرب».
وقدرت دار المزادات سعر المسدس المشؤوم بين 40 و60 ألف يورو تقريباً، ولا يعرف كم قد يصل خلال المزاد في لحظاته الأخيرة.
واختارت قاعة «لاتولييه دي لوميير» في العاصمة الفرنسية أن تكرس للفنان الهولندي الشهير فنسنت فان جوخ معرضاً بتقنية متطورة، فهو يبث الآلاف من الصور على الأرض والجدران والسقف على مساحة 3300 متر مربع بواسطة 140 جهاز عرض تتناول مختلف مراحل مسيرة هذا الفنان العبقري والمضطرب والغامض لليوم.
اهتمام عالمي وشعبي بحياته وإبداعاته
وعلى غرار بيكاسو وكارافاجو ومونيه وليوناردو دا فينتشي يعتبر فإن جوخ من الفنانين المعروفين في العالم بأسره الذين يخضعون لمتابعة دقيقة ويثيرون الاهتمام الكبير.
وهناك خمسة أشياء ينبغي معرفتها عن الرسام الهولندي فيما يعرض مسدسه المشؤوم في باريس، حيث ولد فان جوخ في عائلة بورجوازية هولندية لكنه كان متأثراً جداً بالهواجس الاجتماعية والروحانية، فانتقل إلى باريس العام 1886 للانضمام إلى شقيقه تيوو الذي كان يملك غاليري فنية في مونمارتر.
وأمضى في فرنسا أكثر السنوات غزارة في عمله مستوحياً من صديقيه تولوز - لوتريك وإميل برنار ولقاءاته مع الانطباعيين جورج سورا وكاميي بيسارو وبول سينياك.
وتأثر بالانطباعية من دون أن يحترم قواعدها فأعماله كانت متميزة.
وكان فإن جوخ رصينا وفضوليا ودرس فن الرسم الهولندي واستوحى من فن الغرافور الإنجليزي وفن الرسم الياباني الذي كان يجمعه مع شقيقه.
وحبه لليابان ينعكس في ألوانه الموجدة وإطاراته السوداء وهو لون مرفوض لدى الانطباعيين. وكان يضع الألوان على لوحته بطبقات متتالية من دون خلطها مسبقاً.
وفي العام 1888 وبعد شجار عنيف مع بول غوغان، قطع فإن جوخ إحدى أذنيه في نوبة جنون وأدخل إلى مستشفى الأمراض العقلية في سان - ريمي - أن – بروفانس، حيث أمضى سنة كاملة. وأنجز بعضاً من أهم أعماله في تلك المرحلة من الإبداع المكثف التي تميزت بزخارف على شكل دوامات ولوالب، على غرار لوحة «الليلة المنجمة»، ثم خرج من المصحة في مايو (أيار) 1890. وبعد أشهر قليلة أصاب نفسه إصابة بمسدس وتوفي بعد يومين قرب أوفير في سن السابعة والثلاثين.
العثور على المسدس الذي المدفون الذي انتحر به فان جوخ
عثر مزارع على المسدس المعروض في قاعة دروو وسلمه إلى أهل المالك الحالي لنزل رافو. والمسدس متضرر جداً وكان معلقاً فوق مدخل النزل. وقد عرض المسدس متحف فان جوخ في أمستردام في العام 2016.
وتفيد دار «أوكشن آرت» أن تحليل المسدس العلمي أثبت أنه بقي مطموراً تحت التراب لفترة من الزمن قد تتوافق مع العام 1890.
موت فان جوخ انتحاراً متعمداً أم حادث؟
في العام 2011 طرح باحثون أميركيون فرضية أن فإن جوخ لم يقدم على الانتحار، بل طرحوا روايتين متناقضتين، حول وفاته إحداهما تقول إنه انتحر بسبب اضطراب عقلي، والأخرى تقول إنه تعرض لطلق ناري، ربما بقصد القتل العمد، أو من بعض الفتية السكارى، لكنه اختار التكتم على الأمر، وعانى بصمت حتى وفاته بعد يومين من الحادث عام 1890.
وأدت أرملة شقيقه تيوو بتنظيمها معارض عدة بعد وفاته دوراً أساسياً في شهرته.
وتظل حياة فنسنت فان جوخ المضطربة والشاقة والقصيرة، وقصة موته المبكر في شبابه بالرصاص بظروف غامضة، قصة مثيرة لاهتمام عشرات النقاد وهواة الفن التشكيلي، كما تعتبر أعماله الفنية المختلفة مصدراً للإلهام والوحي للفنانين الشباب حول العالم.
