يبدو أنّ موجة الحر المرتفعة التي طالت دولًا عربية وغربية على نحو غير مسبوق، لم تقتصر أضرارها على حياة الإنسان وبقية المخلوقات الحية بل تعدتها إلى خسائر مادية أيضًا؛ حيث حذَّرت منظمة العمل الدولية اليوم الاثنين من أنّ الارتفاع غير العادي في درجات الحرارة يهدد بفقدان إنتاجية 80 مليون وظيفة بدوام كامل بحلول عام 2030.
كما أوضحت المنظمة الدولية في تقرير لها بعنوان «تأثير الإجهاد الحراري على إنتاجية العمل والعمل اللائق أنّ استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين يعني فقدان إنتاجية 2.2% من إجمالي ساعات العمل في العالم بحلول 2030.
وأيضًا أشار التقرير إلى أنّ التراجع المتوقع في ساعات العمل بقطاعي العمل الزراعي والبناء سيصل إلى 3.8%، أي ما يعادل 136 مليون وظيفة بدوام كامل حتى عام 2030، مضيفًا أنّ الخسائر الاقتصادية الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة بلغت 280 مليار دولار في 1995، فيما من المتوقع أن ترتفع إلى 2400 مليار دولار في عام 2030، مع ظهور تأثير «الإجهاد الحراري» في البلدان المنخفضة والمتوسطة والمنخفضة الدخل.
يذكر أنّ التقرير أوضح أيضًا أنّ توزيع تأثير الإجهاد الحراري على تخفيض عدد ساعات العمل سيصل في 2030 إلى نحو 5% في جنوب آسيا وغرب إفريقيا، وسيؤدي إلى فقدان ما يقارب من 43 مليون وظيفة في جنوب آسيا و9 ملايين وظيفة في إفريقيا وجميعها بدوام كامل.
وتوقع التقرير أنّ تشهد أوروبا وأمريكا الشمالية تأثيرًا أقل إذ من المحتمل ألا تتجاوز خسائرها الإنتاجية 0.1%، مع زيادة الخسائر الصحية والاجتماعية والاقتصادية بشكل كبير خلال موجات الحرارة الشديدة غير المعتادة مع حلول 2030.
يشار إلى أنّ الإجهاد الحراري _وبحسب التقرير_ عادة ما يحدث عند درجات حرارة أعلى من 35 درجة مئوية وفي ظروف الرطوبة العالية، مشيرًا إلى أنّ الحرارة المفرطة أثناء العمل تتسبب في مخاطر على الصحة المهنية؛ إذ تقيّد الوظائف الجسدية للعمال وقدراتهم الإنتاجية وانتشار الأخطاء المتعلقة بالوظائف، وزيادة خطر الإصابات العرضية في مكان العمل.
وأكدت منظمة العمل الدولية أنّ التعرض إلى مستويات حرارة مفرطة يمكن أن يؤدي إلى ضربة شمس، والتي أحيانًا تكون مميتة لا سيما للعاملين في مجالات الزراعة والخدمات البيئية المتمثلة في إدارة الموارد الطبيعية والبناء، وجمع النفايات وأعمال الإصلاح في حالات الطوارئ، والنقل والسياحة والرياضة، كما أنّ الموظفين أيضًا الذين يتعرضون إلى مستويات الحرارة المرتفعة يواجهون صعوبات صحية ويصبح أداء المهام المكتبية أمرًا صعبًا مع بدء الإرهاق الذهني.
وأخيرًا حذَّر التقرير من تأثير الارتفاع غير العادي لدرجات الحرارة على صحة العمال لاسيما الذين تزيد أعمارهم على 50 عامًا مع زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.