حيرة هائلة، وصدمة كبيرة بحجم الحدث الجلل الذي أعلن عنه العلماء مؤخراً، بأن كمية الجليد التي تحيط بالقارة القطبية الجنوبية المتجمدة، تراجعت بشكل «مفاجئ» لتفقد مساحة بحجم دولة «المكسيك» خلال فترة قياسية جداً. وهو الأمر الذي أثار حيرة العلماء الذين حذروا من تزايد حجم هذه المشكلة، بتناقص مساحة القطب المتجمد خلال الفترات القادمة.
وذكر موقع «روسيا اليوم»، وفقاً لدراسة أجرتها وكالة «ناسا» لبيانات الأقمار الصناعية. أن بداية هذه الكارثة الطبيعية بانفصال الجليد قبالة القارة المتجمدة الجنوبية، كان قد زاد بشكل مستمر وطردي منذ العام 1979، واستمر طوال هذه العقود حتى سجل رقماً قياسياً خطيراً خلال العام 2014. وأنه بعد 3 أعوام فقط، بلغ مستوى المدى السنوي للجليد البحري في قارة «أنتاركتيكا» المتجمدة حتى أدنى مستوياته على الإطلاق، حيث قضى على «مكاسب» استمرت لثلاثة عقود ونصف العقد.
وتابعت الدراسة التي أجرتها «ناسا»، ونُشرت في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم، أن حجم الكارثة يتلخص بأن ما فقدته القارة المتجمدة الجنوبية من الجليد منذ العام 2014 حتى وقتنا الحالي، يقدر بنفس مساحة الجليد الذي اختفى من القطب الشمالي المتجمد خلال أكثر من 30 عاماً كاملة. وهنا يظهر بشكل واضح حجم الكارثة الطبيعية التي يعيشها كوكب الأرض.
وتابع «روسيا اليوم»، نقلاً عن وسائل إعلام عالمية مختلفة، بأن فريقاً علمياً من الباحثين، بالإضافة إلى العلماء المختصين في وكالة «ناسا» الأمريكية، كانوا قد بحثوا في البيانات التي قدمتها الأقمار الصناعية، والتي عملت على رصد مدى الجليد البحري، للوصول إلى هذه النتائج الأخيرة. وكان «مارك سيريز»، مدير المركز الوطني لبيانات الثلوج والجليد، التابع لجامعة «كولورادو» ومعهد «بولدر» التعاوني لأبحاث العلوم البيئية، قد صرح لوسائل الإعلام أنه خلال السنوات الـ5 الأخيرة، كانت الأحداث بالقطب الجنوبي غير منطقية أبداً. وأوضح أنه لا يعلم إن كان الاحتباس الحراري العالمي، من الممكن أن يسيطر على القطب الجنوبي كاملاً خلال الفترات القادمة وعلى المدى البعيد.
وفي السياق نفسه، أوضحت «ناسا»، أن ما يحدث عادة في المناطق القطبية، هو نمو مستويات الجليد في فصل الشتاء وتقلصها صيفاً. وحول القارة القطبية الجنوبية المتجمدة، فقد بلغ متوسط الجليد 12.7 مليون كيلومتر مربع خلال العام 2014. إلا أنه في العام نفسه أيضاً، بلغ الجليد البحري في «أنتاركتيكا»، حداً قياسياً غير مسبوق. في حين وصل القطب الشمالي إلى الحد الأدنى في أعلى 10 نقاط منذ بدء تسجيل الأقمار الصناعية.
وبعد 3 سنوات- أي في العام 2017- كان الجليد في قارة «أنتاركتيكا» منخفضاً إلى حد كبير للغاية وقياسي أيضاً. إذ أنه وصل حينها إلى 10.6 مليون كيلومتر مربع. وأوضحت الدراسة التي أجرتها الأقمار الصناعية التابعة لـ«ناسا»، بأن الفرق في خلال هذه الأعوام الثلاث، تقدر بمساحة أكبر من دولة المكسيك، إذ أنها تبلغ تقريباً 2.1 مليون كيلومتر مربع.
وفي حديث لـ«كلير باركنسون»، عالم المناخ في وكالة «ناسا» ومعد هذه الدراسة الخطيرة، قال بأن فقدان كل هذه المساحات الشاسعة من الجليد خلال 3 أعوام فقط أمر لا يُصدق وأشبه بالخيال. وأكد بأنه جرى بمعدلات أسرع كثيراً مما شهده العلماء المختصون في أوقات سابقة. وعلى جانب آخر، فإن مصدر القلق الآخر الكبير في هذا الشأن، أن ذوبان الجليد بهذا الشكل الكبير، يؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه في المحيطات والبحار، حيث أن كميات الجليد الذائبة الضخمة كافية للتأثير على المحيطات على نطاق عالمي، مما قد يؤدي إلى كوارث حقيقية ستغير شكل حياتنا إلى الأبد.