أسدلت المحكمة الدستورية العليا في مصر، الستار على أطول صراع قضائي يتعلق بحرية عرض الأفلام السينمائية، وقضت بصفة نهائية بعدم عرض فيلم "حلاوة روح" للنجمة اللبنانية هيفاء وهبي، بعد تأييدها دستورية المادة 9 من القانون رقم 430 لسنة 1955 لتنظيم الرقابة على الأشرطة السينمائية، وهي المادة التي استند عليها قرار الحكومة المصرية عام 2014 بمنع عرض الفيلم، وتقدم صناعه بالطعن على عدم دستوريتها وتم السماح لهم بعرض الفيلم طوال السنوات الخمس الماضية انتظارا لصدور الحكم النهائي الذي جاء صادما لصناع الأفلام في مصر.
المحكمة الدستورية العليا _وهي أرفع جهة قضائية في مصر_ تلقت إحالة من محكمة القضاء الإداري عام 2014، حول مدى قانونية وقف عرض فيلم "حلاوة روح" بقرار من الحكومة رغم حصوله سابقا على موافقة من الرقابة العامة على المصنفات الفنية، وكانت محكمة القضاء الإداري قد ارتأت في قرار الحكومة المصرية وجود شبهة عدم دستورية في المادة القانونية، وقضت وقتها بأحقية منتج الفيلم في عرضه.
وأظهرت مسودة الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية ان القرار دستوري وصحيح، وقالت يجوز للسلطة القائمة على الرقابـة أن تسحب، بقرار مسبب، الترخيص السابـق إصـداره في أي وقت، إذا طرأت ظروف جديدة تستدعى ذلك، ولها في هذه الحالة إعادة الترخيص بالمصنف بعد إجراء ما تراه من حذف أو إضافة أو تعديل، دون تحصيل رسوم.
حرية الإبداع مقيدة بحدود حماية الآداب العامة
وأضافت المحكمة في حيثياتها: المشرع أطلق حرية الإبداع الفني، في مجال الفـن السينمائي، إلا أنه قيد هذا الإطلاق، بحدود بيَّنَها القانون على سبيل الحصر، هي حماية الآداب العامة، والمحافظة على الأمن، والنظام العام، ومصالح الدولة العليا، فضلاً عن حماية المقومات الأساسية للمجتمع التي حددها الدستور، وقيمه الدينية، والأخلاقية، والاجتماعية، بحيث إذا خرج المصنف السينمائي عن أحد هذه الحدود عُد خارجًا عن المقومات الأساسيـــــة الاجتماعية أو الأخلاقية أو السياسية، التي يحميها الدستور.
من حق الرقابة سحب تراخيص الأفلام بعد إجازتها
وتابعت: لا ريب في أنه من المبادئ الرئيسية التي تقوم عليها الدول المتحضرة، تضامن الأفراد، وتماسكهم، لتحقيق الغايات، والصوالح العامة، التي يستهدفونها في نطاق إقليم الدولة، ومن أجل ذلك خوّل المشرع السلطة المختصة على الرقابة، كإحدى هيئات الضبط الإداري، عند قيام المقتضى المشار إليه، بألا تسمح بعرض العمل السينمائي، وأجاز لها بعد الترخيص به أن تسحب، بقرار مسبب هذا الترخيص إذ طرأت ظروف جديدة، تستدعى ذلك.
يذكر أن فيلم "حلاوة روح" صدر قرار بمنع عرضه من رئيس وزراء مصر بعدما اثار ضجة هائلة بين الجمهور بسبب مشاهده الجريئة، ولكن محكمة القضاء الإداري استجابت لطعن المنتج محمد السبكي على القرار وقررت وقف تنفيذه وإحالة الدعوى للمحكمة الدستورية للفصل في مدى دستورية المادة 49 من قانون تنظيم الرقابة على المهن السينمائية.
واختصمت الدعوى التي أقامها مخرج الفيلم محمد السبكي والتي حملت رقم 56998 لسنة 68 قضائية، رئيس مجلس الوزراء ووزير الاستثمار والإعلام والثقافة ورئيس الإدارة المركزية للرقابة على المصنفات، بصفتهم.