المسرح أبو الفنون، والفنون هي مرآة الشعوب التي تعكس واقعهم وثقافاتهم وتجسد آلامهم وأحلامهم. وهذا ما أدى إلى ظهور نوع جديد من أنواع الفن المسرحي، يعرف بـالمسرح التفاعلي (ويسمى أيضاً المسرحَ التحفيزيَّ ومسرح المقهورين). وقد ظهر هذا المسرح على يد البرازيلي (أوغيستو بوال)، وهو من أنواع المدارس المسرحية الحديثة، القائمة على إشراك الجمهور وتفاعله.
وكان يرى أوغيستو بوال في المسرح عزلاً للناس عن دائرة الفعل، وعن ممارسة (التغيير)، لكنه قام بتحويل المتفرج لمتلقٍ دون إعطائه فرصة ممارسة التأثير المباشر على موضوع العرض المسرحي.
وهنا يعمل مسرح المقهورين ويحاول -كما يقول بوال- أن يكون مرآة تُمكن المتفرج أو المتلقي من التدخل لتعديل صورة الحدث لا مجرد النظر إليها، وتخلص تجربة بوال إلى العمل على بناء صورة للواقع كما يحللها ويراها الجمهور، بترتيبها من جديد وتبديل ما يلزم وكما يحلو لهم، فالمقهورين يصورون أنفسهم ومشكلاتهم داخل الحل المسرحي الذي يعطونه للعمل المسرحي، من هنا سعى بوال إلى إخراج المتفرجين من البقاء على هامش حركة النص إلى حيز الفعل، والتأثير الحقيقي من خلال صيغة حلقة نقاش الحل المسرحي، أو كما سميت (مسرح المنتدى) التي عززت التشابك بين الممثلين والمتفرجين في إنتاج العرض.
والمسرح برأي بوال «هو نحن؛ لأننا جميعاً ممثلون، ولأن المسرح ليس بحاجة إلى جمهور ومنصة، بل إلى مؤدٍ ليكون قائماً وموجوداً».
أسس المسرح التفاعلي وتأثيره على المجتمع
وللمسرح التفاعلي تأثير كبير على المجتمع، ومن أهم تأثيراته المباشرة، ظهور المجتمعات المدنية، والبحث عن أفق أو سبل موازية لمكافحة المشكلات في العالم والتعامل مع القضايا التي خَلَقَتْها العولمة.
أسس المسرح التفاعلي:
ـ اختلاف هذا المسرح عن المسرح التقليدي من حيث توجهه فهو مسرح موجه في الأساس (سياسياً أو اجتماعياً).
ـ من حيث علاقته بالجمهور، فهو يتعامل مع المتفرج بطريقة مختلفة عندما يُحَدِّدُ سلفاً نوعية هذا المتفرج، ويتوجه إليه مباشرة مدركاً ما يريده منه.
-لهذا فإن علاقته بالمؤسسة والمكان وكل مكونات العرض المسرحي تختلف جذرياً عن المسرح التقليدي.
تجربة المسرح التفاعلي بالسعودية
تنقلت تجربة المسرح التفاعلي بين دول العالم، واستقبلها العالم العربي لكن دون توسع، وقد شاهدنا مؤخراً هذا النوع من المسرح داخل المملكة العربية السعودية ولأول مرة بعمل حصري مستوحى من ثقافة البلد، وتقاليده من خلال عمل مسرحي بمسمى (بيت الدهاليزي).
وهي تجربة مسرحية منتجة محلياً بالكامل، فقد تم تطوير القصة بالتعاون مع الدكتورة لمياء باعشن كاتبة وباحثة تاريخية في منطقة البلد، وإخراج تود ألبرت نيمز أمريكي من مواليد السعودية، وطاقم ممثلين سعوديين تم تدريبهم لأول مرة على المسرح التفاعلي.
لتكون أول تجربة مسرحية تفاعلية يتم إنتاجها محلياً في المملكة العربية السعودية.