"الفتة" أكلة ارتبطت لدى بعض الشعوب بعيد الأضحى المبارك، حتى أصبحت عادة متوارثة في "عيد اللحمة" كما يطلق عليه في بعض الدول، وذلك لوجود الأضحية وخروف العيد وتوزيع اللحمة.
تاريخ الفتة وارتباطها باللحمة
يقال إن أصل الفتة يرجع إلى عهد الفراعنة، حيث أنهم أول من قاموا بعمل طبق الفتة، وسميت بهذا الاسم لأنها تطهى من "فتات" الخبز.
وكانت" الفتة" إحدى أهم الوجبات الرئيسية في قائمة الولائم التي يقيمها الأمراء في أيام الدولة العثمانية، لتتوارثها الشعوب بمرور الزمن خصوصا عند توافر اللحوم والأضاحي، واشتهرت في مصر وبلاد الشام وانتقلت إلى دول الخليج.
"سيدتي" تستعرض بعضاً من طقوس الفتة والتي ارتبطت بعيد الحج.
الفتة انتقلت من الفراعنة
يقول الشيف فهد بخاري: "إن عيد الأضحى أحد العيدين اللذان شرعهما الإسلام، ولعيد الأضحى بهجة على القلوب لأنه يتخلله فريضة الحج، وهو ما ساعد في انتشار بعض العادات والأكلات التي من أشهرها أكلة الفتة والتي عرفناها من المصريين، فقد كانوا يأكلونها بعد أن يقوموا بوضع الخبز المقطع على مرق اللحوم واللبن، ومن هنا جاء تسميتها بـ "الفتة"، حيث إنها كانت تُصنع من فتات الخبز والمرق، وتطورت بوضع الأرز والصلصة، وأصبحت من الأكلات المعروفة لدينا بالمنطقة العربية والخليج".
فيما ترى أميرة شهاب مستثمرة بمجال الأغذية، أن الفتة أكلة شعبية ومعروفة بالأعياد ومشهورة عند الشعب المصري، "وطبعاً معظم العائلات بالسعودية تعملها لأنه بعد الذبح تعدها ست البيت فهي أسرع وجبة تقدمها بعد عناء رجل البيت بالذبح والسلخ ومناسك الحج"، وتضيف "يقوم الأغلبية بطهيها بالعيد بعد ذبح الأضحية لأن اللحمة تكون طازجة فنطبخ ما لذ وطاب من الأصناف، فنحن في عائلتنا نعد فتة الرأس مع العيش البر البلدي وكشنة الثوم والخل في الفطور، وفتة اللحمة المسلوقة والعيش المصري البلدي والرز الأبيض المصري وصلصلة الطماطم وكشنة الثوم على الغداء أو العشاء حيث تجمع العيلة، إضافة إلى صينية الرقاق باللحم المفروم الطازج وشوربة اللحمة وصينة البطاطس باللحم.
لا يكتمل العيد إلا بطبق الفتة
وفي السياق ذاته تقول مريم بابلغوم ربة منزل، "لا يكتمل عيدنا إلا بطبق الفتة بالخل والثوم، حيث اعتادت والدتي على إعدادها لنا على الغذاء كوجبة أساسية في العيد، إلى جانب اللحم المقلقل، ولا نعدها إلا بعيد الأضحى حيث ارتبطنا بها وجدانيا ولا نستطٌعم أكلها إلا من السنة للسنة، والفتة لا نعدها إلا بلمة العائلة في تحضير اللحم بعد تقطيعه"، وأضافت "على الرغم من التغيرات التي طرأت على المجتمع وعاداته إلا أن هناك أشياء ارتبطنا بها ولا يمكن أن تتغير".
العقل الباطني وراء تعود الانسان
وحول ارتباط العقل ببعض العادات وحرصه عليها في مواسم معينة، يقول المستشار النفسي والسلوكي الدكتور ماجد قنٌش، أن هناك العديد من الأسر والأشخاص اعتادت على القيام بأمور معينة في أوقات معينة، مثل إعداد بعض الأطعمة في أوقات معينة من السنة لارتباطها بمُناسبات لديهم، ونجد أن هذا الأمر تعود أكثر ما هو نفسي، بحيث إن العقل الباطن هو ما يوحي للإنسان بفعل ذلك، فنجد الشخص إن لم يقم بذلك تتأثر نفسيته ونجده يسترجع ما كان يقوم به، فالعقل الباطن بمثابة مخزن للذكريات يسترجعها وقت الحنين اليها".