تؤدي المرأة الكويتية دوراً ناصع البياض في مجال العمل الإنساني محلياً ودولياً، حتى أصبحت نجماً ساطعاً في سمائه، آخذة على عاتقها رسالة الكويت الإنسانية الرائدة وتقاسمتها مع شقيقها الرجل.
وعشية الاحتفال باليوم العالمي للعمل الإنساني، الذي يصادف اليوم الإثنين 19 أغسطس، تشارك الكويت عموماً، والمرأة الكويتية خصوصاً، في إحياء مضامين هذا اليوم الذي يستعيد ذكرى الهجوم الإرهابي على مقر الأمم المتحدة في بغداد عام 2003، ويركز على الإشادة بعمال الإغاثة الذين يجازفون بأنفسهم في مجال الخدمات الإنسانية.
ويحمل الاحتفال هذا العام شعار (المرأة في العمل الإنساني)؛ تكريماً للنساء العاملات في طواقم الإغاثة الإنسانية، ممن عملن منذ أمد طويل على خطوط المواجهة الخطيرة في مجتمعاتهم، ومن يعملن في أصعب الظروف.
وتأتي رعاية الشيخ صباح الأحمد للمرأة ودورها في شتى المجالات؛ تعبيراً عن إيمانه بمكانة المرأة وأهمية دورها في بناء المجتمعات ونهضتها، خصوصاً أن تاريخه زاخر بالأعمال الإنسانية والتنموية، كلل بتكريمه من الأمم المتحدة (قائداً للعمل الإنساني)، والكويت (مركزاً للعمل الإنساني).
ولا تزال الكويت تجدد العهد للقيم والمبادئ الإنسانية الراسخة عالمياً؛ بتقديم المساعدات ومد الأيادي البيضاء لكل محتاج في كل بقاع المعمورة، بغض النظر عن أي اعتبارات تتعلق بالدين أو الجنس واللون أو العرق.
في السياق، تسير المرأة الكويتية من خلال العديد من الجهات والمؤسسات على نهج الكويت الإنساني وتبتكر المبادرات والمشاريع الإنسانية، ولعل أحدث تلك المشاريع نسبياً مبادرة أطلقتها رئيسة (مبادرة النوير للإيجابية) الشيخة انتصار سالم العلي الصباح، وهي مؤسسة (انتصارس) الخيرية في بريطانيا؛ لمساندة ودعم وتأهيل مليون امرأة عربية من ضحايا الحروب في المنطقة.
وقالت الشيخة انتصار الصباح إنها أنشأت المؤسسة من منطلق معاناة اللاجئين في المنطقة العربية، ولدعم اللاجئات العربيات وإعادة تأهيلهن؛ لاجتياز الفترة العصيبة اللاتي مررن بها؛ عن طريق علم النفس الدرامي لإعادة تأهيل مليون امرأة عربية.
وأوضحت أن المؤسسة برئاستها بدأت العمل منذ عام في مخيمات اللاجئين في لبنان، حيث تم تنفيذ ثلاثة برامج تأهيلية، والعمل جارٍ حالياً في الأردن، على أن ينتهي البرنامج الحالي في شهر سبتمبر المقبل؛ ليتم بعده إطلاق ثلاثة برامج في أكتوبر.
وذكرت أنه بالنظر إلى عدم وجود عدد كافٍ من علماء علم النفس الدرامي في الوطن العربي، تم التخطيط لإقامة مركز في لبنان؛ ليكون أول مركز معتمد في العالم العربي لتدريب طلبة كليات علم النفس على العلاج، باستخدام المسرح أو الدراما بالتعاون مع عدد من الجامعات العالمية، والاستعانة بهم لمعالجة النساء المتضررات من الحروب.
من جانبها، قالت الأمينة العامة في جمعية الهلال الأحمر الكويتي مها البرجس، إن الجمعية هي الذراع الإنسانية للكويت، والجسر الذي يتم من خلاله إيصال المساعدات للمتأثرين من الكوارث الطبيعية والأزمات الإنسانية والصراعات في بقاع العالم.
وأكدت أن الجمعية مستمرة في وضع بصماتها الإنسانية، وحرصها على تحديث مشاريعها وبرامجها الإغاثية والإنشائية والتنموية والطبية والتعليمية عاماً بعد آخر لخدمة.
وذكرت أن العمل التطوعي شكّل مجالاً خصباً للمرأة الكويتية؛ سعت من خلاله إلى إثبات وجودها، وساهمت به عبر سنوات طويلة في تكريس المبادرات التطوعية، من خلال الفرق التطوعية النسائية المنتشرة في الكويت.
وبيّنت البرجس أن العمل التطوعي من أكثر المجالات التي أثبتت فيها المرأة الكويتية نجاحاً؛ إذ أدارت العديد من الأعمال التطوعية وتقاسمت الأدوار مع الرجال، وبرز بذلك مفهوم المشاركة، سواء في العمل الميداني المحلي والدولي.
من جانبها، قالت مديرة مشروع (ادفع دينارين واكسب الدارين) في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، سمية الميمني، إن للفتيات والسيدات دوراً مهماً في العمل التطوعي والإنساني المميز، «من خلال مشروعنا الشبابي التعليمي».
وأضافت الميمني أن المشروع انطلق عام 2010 بجهود شبابية من جامعة الكويت، وبمبادرة من طالبات الجامعة اللاتي أخذن على عاتقهن مسؤولية نشر الوعي التطوعي وثقافة العمل الإنساني.
وأوضحت أنه على الرغم من أن اسم المشروع يبدأ من مبلغ بسيط، قدره ديناران، لكن تم تحقيق إنجازات كبيرة تمثلت في 14 مشروعاً تعليمياً في 8 دول حول العالم، يستفيد منها 6060 طالباً وطالبة.
وأضافت أن مشاريع الدارين بلغت 11 مدرسة، من سلسلة مدارس الدارين في كل من إندونيسيا وقرغيزيا والسودان والنيجر والهند وألبانيا ومعهد الدارين في الصين ومكتبة الدارين في صربيا كأول مكتبة عربية وإسلامية.
ولفتت إلى وجود مشروع متميز؛ عبارة عن حافلة الدارين في الهند، وهي عبارة عن مدرسة متنقلة في القرى الفقيرة لتعليم الأطفال، علماً بأن المستفيدين من مشاريع الدارين منهم 70 في المئة من الفتيات والسيدات في تلك الدول المحتاجة «التي نحرص على السفر إليها مع الفريق التطوعي الشبابي في رحلات إنسانية جماعية للتعرف على أوضاعهن هناك».
وأفادت بأن 80 في المئة من منتسبي المشروع من الفريق التطوعي من الفتيات والشابات بين 18 و34 عاماً، وتم تدريبهن على أهم مهارات العمل الخيري، مثل تسويق المشاريع الإنسانية، والحديث أمام الجماهير، وقواعد العمل الجماعي المنظم، والتفكير الإبداعي.
وتعد الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية من أكبر المؤسسات العاملة في الحقل الإنساني على مستوى العالم الإسلامي، وتقدم خدماتها الإنسانية منذ انطلاقها عام 1987، بغض النظر عن أي معيار فئوي أو سياسي أو يتعلق باللون أو العرق أو ما شابه.
وأطلقت الهيئة المؤتمر العالمي الخاص بتفعيل دور المرأة في العمل الخيري عام 2014، تحت عنوان (دور المرأة في العمل الخيري)؛ إيماناً بأهمية دورها، وسعت من خلاله إلى إصدار وثيقة؛ لتكون بمنزلة دستور يفعل وينظم ويضبط طبيعة المرأة في ميدان العمل الخيري.