قضية شغلت القضاء البرازيلي، ثلاث سنوات كاملة، واكتُشف الفاعل المجرم قبل ثلاثة أشهر، فأحيل إلى المحكمة القضائية الجنائية، وتم الحكم عليه، ولكن الحكم القضائي الذي تلاه القاضي الرئيسي في المحكمة كان غريباً جداً، حيث إنه حكم لم يسبق له مثيل في تاريخ السجلات القضائية الحديثة في العالم كله.
اعترض محامي المجرم على هذا الحكم الغريب، وطالب بإلغائه؛ نظراً لغرابته، وأيّده في ذلك عدد آخر من رجال القضاء، إلا أن القاضي الرئيسي أصرّ عليه، بعد أخذ موافقات السلطات العليا في وزارة العدل البرازيلية في العاصمة «برازيليا».
ماذا كان الجرم؟
بعد ٣ سنوات، عثرت السلطات على المجرم المدعو «رودريغو جنتيلي»، الذي كان قد استدرج سكرتيرة القاضي (صاحب الحكم القضائي الغريب)، الذي لم يذكر اسمه لأسباب أمنية، إلى مكان مجهول، ومن ثم قام باغتصابها وقتلها ودفنها، ضمن غابة صغيرة في ضواحي العاصمة البرازيلية «برازيليا».. الغرابة ليست هنا، بل في تفاصيل القضية؛ التي أظهرت بأن المجرم كان يعمل «أوفيس بوي» لنفس القاضي صاحب الحكم.
شكوك
المجرم، ٤٩ سنة، كان يقدم القهوة للقاضي كل يوم، ويعتني بمكتبه؛ من حيث الترتيب والتنظيف، ولكنه كان يسرق دائماً الوثائق المتعلقة بالقضية، والجريمة التي ارتكبها؛ لكي لا يتم الكشف عن فعلته الشنيعة، إلا أن القاضي شكّ في الأمر، وتمكن من وضع يده على المجرم، بعد أن لاحظ تغيرات عليه؛ عندما كان يسرد له قصة سكرتيرته التي كانت قد اختفت منذ ثلاث سنوات، ثم تم وضعه في زاوية الاتهام، واعترف بكل تفاصيل الجريمة.
غضب القاضي
الضحية والمجرم كانا من أقرب المهنيين الذين يعملون مع القاضي في نفس المكتب، ولذلك لم يتمالك نفسه غضباً، بالرغم من أنه يجب أن يتمتع بالصبر والحكمة، إلا أنه اعترف بأن الأمر يمكن أن يثير أي قاضٍ في العالم، ويجعله يفقد السيطرة على أعصابه، فكيف تكون قاضياً وحدثت جريمة كلفت بها، وفجأة تكتشف -بعد ثلاث سنوات من المعاناة والتحقيقات وضياع كثير من الوثائق المتعلقة بالقضية دون معرفة مصدر اختفائها- بأن الجاني والمجني عليها كانا يعملان في نفس مكتبه!!
الحكم الغريب
بعد انتهاء المحاكمة، التي دامت ثلاثة أشهر كاملة، أصدر القاضي حكمه على «رودريغو جنتيلي» بالسجن لمدة سبعة آلاف سنة (لا يوجد حكم إعدام أو مؤبد في القانون البرازيلي) من دون أي احتمال للإفراج عنه أبداً، وقد أمر القاضي بدفنه في نفس السجن الذي سيموت فيه؛ لكي يبقى إلى الأبد ضمن نطاق السجن. فقد اعتبر أيضاً أن دفنه خارج السجن، يمكن أن يكون بمثابة الرأفة بأحواله بعد مماته.
تأييد
كسب القاضي تأييد كبار المسؤولين في وزارة العدل، واقتيد المجرم إلى السجن على بعد نحو مائة كيلومتر من العاصمة البرازيلية؛ ليبقى فيه سبعة آلاف سنة، حياً وميتاً.