يعدُّ فارق العمر بين الزوجين عاملاً مهمّاً في تقارب الأفكار ونجاح المؤسسة الزوجيَّة، لكنَّ المجتمع لا يلتفت كثيراً إلى هذا الفارق عندما يتزوَّج الرَّجل بامرأة تصغره في السِّن، بينما يتغيَّر هذا الموقف عندما تتزوَّج المرأة برجل يصغرها سناً ولو بأشهر معدودة، فلماذا هذا التمييز؟
ثمَّة نظرة رافضة لزواج المرأة برجل يصغرها سناً، وهو الزواج الذي ينظر إليه المجتمع بأنَّه غير متكافئ، ودوماً ما يتم اتِّهامه بأنَّه زواج "مصلحة".. حيث تنامت هذه الظاهرة إلى درجة أصبحت موضة شبابية.
حول هذا الموضوع الاجتماعيّ الشَّائك يقول المستشار الاجتماعيّ والأسريّ عبد الرحمن القراش: "يخضع هذا الموضوع لنظرة المجتمع والعادات والتقاليد من دون كشف وتمحيص للكثير من الحقائق والاعتبارات التي سنتطرَّق لها، فبدايةً يمكننا تقسيم النِّساء وفقاً للسِّن إلى ثلاثة أصناف، وهي:
1. الصَّغيرة في السِّن:
هذا ما تعوَّد عليه أبناء المجتمع في كلِّ زمان ومكان، وأغلب الرِّجال يبحثون عن الصُّغرى لاعتبارات عديدة، منها: أنَّها أقدر على الحمل، وتلقي الأوامر، ولديها القدرة على الإمتاع الجسديّ أكثر من الكبيرة، والمرأة تحبِّذ دوماً أن تكون هي الأصغر من الرَّجل بحيث لا يتجاوز الفارق بينهما 5 سنوات؛ لتشعر بشبابها أكثر معه، وربَّما لتكتسب منه بعض الخبرات، ولكنَّ زواج المرأة من رجل بينهما فارق كبير في السِّن ربَّما يدخل في متاهة اختلاف التفكير والتكافؤ العاطفيّ والمعرفيّ.
2. الموازية للرَّجل في العمر:
تُعدّ هذه الحالة الأكثر حظاً في عصرنا الحديث؛ لأنَّ التكافؤ العمريّ يكون بيئة مناسبة للاتفاق الفكريّ والعاطفيّ إذا تمَّ تقدير كلّ طرف للآخر، ناهيك عن إدراك قيمة الحياة مع شخص يوازي في العمر فيفهم متطلَّبات شريكة من دون تعب كبير.
3. المرأة الأكبر من الرَّجل:
زواج المرأة من الرَّجل الذي يصغُرها سنّاً قد يكون بمثابة مغامرة بالنِّسبة لها ومغامرة أكبر بالنِّسبة له؛ لأنَّ عدم النضوج العاطفيّ للرَّجل صغير السِّن يُتعب المرأة الأكبر سنّاً؛ فهي مستقرة في عواطفها، وهو غير مستقر، وهذا بالتحديد ما يُدخل القلق في نفس المرأة الأكبر سنّاً؛ لأنَّه قد يجلب الخيانة الزوجيَّة، والميِّزة الوحيدة للمرأة المتزوِّجة من رجل يصغرها سنّاً هي المعاشرة الحميمة على الرُّغم من أنَّها ليست كل شيء بالنِّسبة للمرأة، لذلك لا تبالي المرأة الكبيرة في السِّن إذا كان الرَّجل أصغر منها؛ لأنَّ ما يهمها هو الدخول في المؤسسة الزوجيَّة، وإدراك قطار العمر وتشكيل أسرة".
ويعلِّق القراش على كيفيَّة تقييم فارق السِّن بين الزوجين قائلاً: "الحقيقة أنَّ فارق السِّن هو أحد عوامل التوافق والنَّجاح في الحياة الزوجيَّة، كما يوجد هناك مقاييس عديدة تسهم في نجاح العلاقة الزوجيَّة بغض النَّظر عن أمور فرق السِّن، أهمها:
- اقتناع كلّ طرف بالآخر.
- وجود الحب والاحترام.
- الثِّقة المتبادلة.
- الصِّدق وأمور كثيرة من هذا القبيل.
لذلك أرى أنَّه إذا توافرت هذه الأمور في أيّ علاقة ستكون ناجحة بإذن الله حتى ولو كانت المرأة تكبر الرَّجل، ولكن إذا تدخَّل المجتمع وفرض نظرة فارق السِّن، فسوف يتخلل العلاقة بعض العواقب والاضطرابات، وأولها الإيمان التَّام بمبدأ الرَّجل أكبر من المرأة، لذلك جاء رفض بعض فئات المجتمع الزواج من المرأة الكبيرة، إلا عند وجود هدف أو مصلحة تعود على الزوج، كما يُعتبر أنَّ الزواج منها له انعكاسات سلبيَّة سواء نفسيَّة أو اجتماعيَّة، وهذا ما يعيق نجاح الحياة بينهما، وللأسف نسوا وتناسوا سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، الذي تزوَّج من أمّنا خديجة الأكبر منه، حيث كان الفارق بينهما 15 عاماً، ومع ذلك كان زواجهما ناجحاً".
تابعوا تفاصيل "موضة الزواج من الأكبر سناً" في عدد "سيدتي" 1704.