"التفكير واجب. يجب علينا التفكير"
"إيزابيل ستينغرز" و"فينسيان ديسبريه" (تبعاً لـ"فيرجينا وولف")، "النساء اللواتي يُحدثنَ جلبة: البنات غير الوفيات لـ"فيرجينيا وولف": Women Who Make a Fuss: The Unfaithful Daughters of Virginia Woolf، 2014
استمدّت "ماريا غراتسيا كيوري" الإلهام لمجموعة الألبسة الجاهزة لموسم ربيع وصيف 2020 من الصور الأرشيفية لـ"كاثرين ديور"، شقيقة "كريستيان ديور"، حيث تظهر محاطةً بالأزهار في حديقتها، التي كانت شغوفة بها. هي التي كانت من الأبطال الأساسيين في تاريخ "ديور" Dior، كانت البطلة الشجاعة للإصرار الفريد وقوّة الشخصية: كانت تجسّد "ميس ديور" .Miss Dior لم يكن ذلك لقبها فحسب، بل إنّ عطر الدار الأول، الذي أصبح الآن عطراً أيقونياً، سُمّي تيمّناً بها.
كانت تهتمّ "كاثرين" بحدائق العائلة الخاصة بـ"ديور" Dior. كانت بستانية بكلّ ما للكلمة من معنى، امرأة كانت تزرع الحرّية والاستقلالية، تتصرّف بتناغم مع الطبيعة ودورة الفصول. تُعيد المجموعة الجديدة إلى الأذهان، من خلال أنماطها وتطريزاها، ومن خلال لمعان قماش الرافية وبنيته المتميّزة، رؤية النباتات الفاخرة، التي يتمّ تقديمها بشكل نماذج أعشاب مجفّفة، كتالوغات نابضة بالحياة، التي تشكل ذكرى للأجناس النباتية.
بالنسبة إلى "ماريا غراتسيا كيوري"، لا تتمحور هذه الابتكارات حول الحنين أو حول إعادة إحياء تقليد تزيينيّ.
بل هي تطرح الأسئلة عوضاً عن ذلك، كما يحصل في بداية رحلة طويلة، حول ما يعنيه الاهتمام بالنباتات والأزهار في يومنا هذا. بالرغم من أنّنا نعيش في حقبة الأنثروبوسين، حيث يحكم الإنسان الكوكب، هل ما زال من الممكن إعادة التوازن إلى هذه العلاقة؟ يؤدي هذا التساؤل إلى نشوء مدن فاضلة، على غرار "مونتي فيريتا" Monte Verità، أو "تلّة الحقيقة"، المجتمع الذي يرتكز على الأفكار الطليعيّة الرائدة والذي تأسّس في سويسرا في أوائل القرن العشرين، والذي شكّل مصدر إلهام دائم لكافة الفنانين منذ ذاك الحين. وهذه الهالة المنبثقة من هذا المكان المميّز، الذي تمّ بناؤه في قلب الطبيعة، تسلّط الضوء على مجموعة من الفساتين النابضة بالألوان، من الأصفر إلى الأحمر.
مُدركةً ما يتطلّبه دورها كمديرة فنية من شفافية ومسؤولية، أرادت "ماريا غراتسيا كيوري" ابتكار "حديقة شاملة"، مكان يجسّد التعايش والتنوّع حيث كلّ بادرة أو حركة لها أهميتها. صُمّمت سينوغرافيا العرض بالتعاون مع "كولوكو"، المشغل الملتزم بفنّ زراعة الحدائق كدافع للاندماج في المناطق الحضرية. عمد فنانو المناظر الطبيعية إلى تصوّر العرض كلحظة معلّقة في الزمان، حيث تجتمع النباتات من أصول مختلفة بشكل مؤقّت. أمّا الأشجار التي ظهرت في ميدان سباق الخيل "باري لونشان" خلال فترة العرض، فستتابع رحلتها وتنضمّ إلى عدّة مشاريع طويلة الأمد لكي تبقى الحياة تنبض لوقت طويل في هذه الحديقة التعدّدية. ويشكّل مفهوم هندسة المناظر الطبيعية العابرة أكثر من مجرّد ديكور، فهو يطرح فكرة إنشاء وتعزيز المناطق المحاطة بالأشجار الغنيّة بتنوّع أجناس النباتات، هذا الرمز الذي يعبّر عن قدرة الجميع على المساهمة في الزراعة والمحافظة على جمال الطبيعة، وعلى مستقبلنا.
وكما تصوّرتها "ماريا غراتسيا كيوري"، تراقب البستانية المشروع اللامتناهي والمستمرّ الذي تجسّده كلّ قطعة أرض، سواء كانت صغيرة أم شاسعة. تشكّل هذه الأرض الإبداعية الخصبة، المرهفة وذات العزيمة الصلبة في الوقت نفسه، تعبيراً عن اليقظة والاهتمام.