يوجد شبه إجماع على شعبية الرئيس الفرنسي الأسبق الراحل جاك شيراك الذي وصف بأنه محب للسلام العالمي، والمعارض الأول لغزو الولايات المتحدة للعراق، وصديق العرب، ومناصر السلام وضد الحروب دائماً.
تميز الوداع الأخير للرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك أمس الاثنين 30 سبتمبر- أيلول 2019، بمراسم مهيبة شاركت فيها أكثر من 80 شخصية أجنبية توافدوا من كافة أرجاء العالم، بينها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعاهل الأردن الملك عبدالله الثاني قبل أن يوارى في مقبرة مونبارناس في حضور عدد قليل من أفراد عائلته، حسب وسائل الإعلام الفرنسية والعالمية.
ولف نعش شيراك الذي توفي الخميس عن 86 سنة، بالعلم الوطني الفرنسي وأدخل كنيسة سانت سولبيس بباريس أمام نحو ألفي مدعو، وصفق الحشد في فناء الكنيسة لدى دخول النعش.
وغصت الكنيسة بالحضور، يتقدمهم رؤساء دول وحكومات وأعضاء أسر مالكة.
ومن بين المشاركين في القداس، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين ووزير خارجيته أيمن الصفدي، والرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، والرئيس الكونغولي دنيس ساسو نغيسو، ورئيسا وزراء المجر فيكتور أوربان ورئيس وزراء لبنان سعد الحريري الأكثر حزناً حسب وسائل الإعلام و«ديلي ميل» البريطانية، وقناة «الجديد» اللبنانية؛ لكونه صديقاً عزيزاً لعائلة الحريري.
كما حضر الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، ولم يلاحظ حضور أو وجود لزوجته هيلاري كلينتون.
ومثّل العاهل المغربي محمد السادس الذي يعاني التهاباً رئوياً، نجله الأمير مولاي الحسن. كما حضر عدد من رجال الأعمال والمشاهير، من بينهم: رجل الأعمال الملياردير الفرنسي فرنسوا هنري بونولت وزوجته الممثلة سلمى حايك.
والتقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لاحقاً بعض هؤلاء الضيوف خلال مأدبة غداء.
وأعلن الاثنين يوم حداد وطني في فرنسا مع الوقوف دقيقة صمت في الإدارات والمدارس.
ولدى الإعلان الخميس عن وفاة شيراك المريض منذ سنوات، حرص الكثير من شخصيات العالم على الإشادة بهذا السياسي الفرنسي الكبير، رئيس بلدية باريس مدة 18 سنة والذي تولى مراراً منصب رئيس الوزراء ورئاسة الجمهورية بين 1995 و2007.
وأشاد بوتين، الذي كان قال عن شيراك إنه أكثر الزعماء الأجانب الذين أثاروا إعجابه خلال مسيرته، بزعيم «حكيم وذي رؤية».
وتأخرت تعازي واشنطن قليلاً، علماً أن شيراك كان عارض الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان الأحد: «عمل الرئيس سابقاً جاك شيراك الذي وهب حياته للخدمة العامة، بلا هوادة للحفاظ على القيم والمثل التي نتقاسمها مع فرنسا».
وبعد حفل مخصص للأسرة، أقيمت مراسم تكريم عسكري صباح الاثنين لشيراك في مجمع الأنغاليد بباريس.
وتجمع عدد كبير من الفرنسيين على طريق الموكب الجنائزي في اتجاه كنيسة سان سولبيس.
وتدفق الأحد آلاف الاشخاص العاديين إلى مجمع الأنغاليد العسكري الذي يؤوي قبر نابليون، لتوديع شيراك.
وانتظر مواطنون بدا التأثر على أكثرهم، طويلاً لإلقاء النظرة الأخيرة على نعش أحد كبار رموز اليمين الفرنسي الذي كان أظهر في مسيرته الطويلة المليئة بالنجاحات والإخفاقات، قدرة خارقة على المثابرة.
وقالت ابنته كلود شيراك «56 عاماً» التي مثلت عائلته مع زوجها وابنها مارتين وابنتها أستير: «والدتي شعرت بارتياح كبير جداً وهي تتابع هذه المشاهد» عبر التلفزيون، موضحة أن والدتها برناديت تعاني «وهناً» كبيراً، وهي لم تظهر قط للعموم منذ وفاة زوجها.
وفي كنيسة سان سولبيس أقيمت الصلاة في حضور ماكرون والرؤساء السابقين فرنسوا هولاند ونيكولا ساركوزي وفاليري جيسكار ديستان.
وقال هولاند: «فرنسا كانت دوماً بلد المفارقات. هي تحب الملوك وتقطع رؤوسهم، تطرد الأحياء وتقدس الأموات، وهي تعيش الحنين إلى الماضي لكن أيضاً تبحث عن التجديد.
ولم يكن شيراك يوماً أكثر شعبية منه منذ تركه السلطة، على رغم أنه كان أول رئيس فرنسي يدينه القضاء في 2011 حين كان خارج الحكم، في قضية وظائف وهمية.
وتمثلت الطبقة السياسية الفرنسية على نطاق واسع في جنازة ووداع شيراك، لكن رئيسة اليمين المتطرف مارين لوبن عدلت عن الحضور بعد إبداء تحفظات من أسرة شيراك.
وكان جاك شيراك طوال مسيرته يرفض بشدة اليمين المتطرف.
وأخرج النعش من الكنيسة في ختام القداس وسط تصفيق الحشد الذي كان متجمعاً في باحتها.
واستجابة لرغبة زوجته برناديت، ووري شيراك في مقبرة مونبارناس في باريس، إلى جانب ابنتهما البكر لورانس التي توفيت عام 2016.
يوم وداع فرنسا والعالم الباريسي للرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك الذي توفيّ صباح الخميس عن عمر 86 عاماً، كان يوماً حزيناً وهادئاً لا ينسى في باريس وسيذكره سكان باريس طويلاً.