من يعتد الكذب يتغير تلقائياً بطباعه وأخلاقه، لكن هل تتغير أيضاً خلايا دماغه؟ وكيف؟ وما التغير الجسدي الذي يجري في عقله ولا يعرفه؟
العلماء اكتشفوا الفرق بين دماغ الصادق ودماغ الكاذب عبر تصويره بالرنين المغناطيسي، وبالفعل، كشفت صورة الرنين المغناطيسي ماذا يجري في دماغ الكاذب من تغيرات غير متوقعة.
فلا يقتصر الكذب على مجرد عادة سيئة كريهة يمارسها البعض، فينال الاستياء والحنق من المحيطين به، وإنما هي عملية عقلية معقدة يستهلك الإنسان الكاذب مساحات كبيرة من مخه عندما يمارسها. هذه هي إحدى النتائج التي خرجت بها دراسة حديثة نشرتها صحيفة «لوموند» الفرنسية، و«البيان».
اعتمدت الدراسة على تصوير المخ لدى الأشخاص الذين اشتهروا باعتيادهم الكذب، واستخدم القائمون على الدراسة الرنين المغناطيسي في التصوير.
وأفادت نتائج الدراسة بأن المنطقة التي يعتمد عليها الكاذب بصفة رئيسة داخل المخ عند الكذب هي القشرة التي تغطي القسم الأمامي من الفص الجبهي للمخ، لكونها هي المنطقة المعنية بالوظائف والأنشطة الإدراكية، خاصةً المعقدة منها. وتتكون هذه القشرة من مادتين، إحداهما بيضاء اللون، بينما الأخرى رمادية.
وأكدت نتائج الدراسة أن الأشخاص الذين يمارسون الكذب كعَرض مَرَضِي تكون لديهم زيادة بنسبة 25.7% على الأقل في مساحة المادة البيضاء في قشرة المخ، بالمقارنة مع مساحتها في الأشخاص الأسوياء.
وعلى النقيض من ذلك، تنخفض مساحة المادة الرمادية لدى مرضى الكذب بنسبة 14.2% بالمقارنة مع مساحتها لدى الأسوياء.
وأوضحت الدراسة آلية الكذب، فعندما يكذب الإنسان، يحدث تلاقٍ داخل النصف الأيسر من الدماغ بين تلفيفين من تلافيفه، وهما الأمامي الأوسط والأمامي الأسفل.
وقالت د. يالينغ يانغ، إحدى القائمات على الدراسة: «حينما يمارس مرضى الكذب عادتهم السيئة لا يستطيعون قول أشياء غير حقيقية دوماً، وبالتالي يعرضون نفسهم للوقوع في تناقضات قد تكشف كذبهم. وعليه، فهم يفضلون اللجوء إلى المناورة».
وأضافت بقولها: «من أهم الحقائق اللافتة في سلوكيات الكاذبين اعترافاتهم بخداع الآخرين. ثمة تناقض واضح في الأمر، فهم وقحون جداً في سلوكهم، إلا أنهم هادئون وطبيعيون جداً عندما يتحدثون عنه».