تحيي بلدان العالم، ذكرى الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع ضحايا جرائم الشرف؛ حيث يتم في هذا اليوم تكريس الجهود لمناهضة العنف ضد مرتكبي جرائم الشرف، وبخاصة في الدول العربية.
ما هي جريمة الشرف؟
جرائم الشرف أو القتل بدعوى الشرف، هي جريمة قتل يرتكبها غالباً أحد الأعضاء الذكور في أسرة ما، أو قريب ذكر لذات الأسرة بحق أنثى أو مجموعة إناث في ذات الأسرة؛ حيث يُقدم الجاني على القتل لأسباب في الغالب الأعم تكون ظنّية تتعلق بشكوك حول ارتكاب الأنثى «المرأة أو البنت» فعلاً مُخلاً بالأخلاق (مثل الزنا أو إقامة علاقة غير شرعية)، ويزعم مرتكبو مثل هذه الجرائم، أن جريمتهم حصلت من أجل «الحفاظ على شرف العائلة»، أو ما يوصف في أوساط قبلية بعملية «غسل العار».
أسباب جرائم الشرف
تختلف حساسية الأسباب باختلاف المنطقة التي يقع بها هذا النوع من الجرائم في العالم، منها ما تكون بسبب خيار المرأة الزواج من رجل من دين آخر، أو طائفة أخرى، أو عشيرة أخرى، أو من رجل لا يرضى به الأهل زوجاً لها، أو بسبب قيامها بممارسة جنسية خارج إطار الزواج، أو قبل الزواج، أو لأنها أحبت، أو شوهدت مع شاب ما، ويعتبر البعض «جرائم الشرف» نوعاً من «القربان» البشري الذي تقدمه الأسر في هذه الدول للمجتمع المحيط؛ تلبية لرغباته بضبط سلوك النساء وفق ما قرره هذا المحيط، ويحمل رسالة واضحة من القاتل وأسرته: «لقد قمنا بإزالة أسباب رفضكم لنا؛ فاقبلونا مجدداً»، وسميت بهذا الاسم كنوع من التمييز لها عن الجرائم الأخرى، عبر ربط «الجريمة» بالسبب الذي يدعي القتلة أنهم قتلوا من أجله: «الشرف».
حملات مناهضة لجرائم الشرف
أطلقت حملات كثيرة مناهضة لجرائم الشرف في العالم، بعضها محلي، وبعضها عالمي، مثل حملة في الأردن توصلت إلى تعديل المادة 340 التي تحمي القتلة بهذا العذر، وتم تعديل المادة التي كانت تمكن القتلة من الخلاص من العقوبة بشكل كامل في بندها الأول، وتمنح أحكاماً مخففة في بندها الثاني، ولا يستفيد من البندين سوى الذكور، بحيث ألغي احتمال أن يحصل القاتل على إعفاء كامل من العقوبة، ومنح الحق بالتخفيف من العقوبة للنساء أيضاً، في حال ارتكبن الجريمة نفسها للأسباب نفسها.
كذلك أطلقت حملة في سوريا أطلقها «مرصد نساء سورية»، بعنوان: « الحملة الوطنية المناهضة لجرائم الشرف في سورية» منذ 9/2005، (وماتزال قائمة حتى الآن)، بهدف إلغاء المادة 548 من قانون العقوبات السوري، وتعديل المادة 192 من القانون نفسه، بحيث يجري اعتبار القتلة بهذا العذر كالقتلة بأي عذر آخر، دون إمكانية الاستفادة المسبقة من القانون.
الذكرى الأولى لليوم العالمي للتضامن مع ضحايا جرائم الشرف
في مثل هذا اليوم، أصدر قاضٍ حكماً أشبه بالبراءة مع إخلاء السبيل، لقاتل شقيقته بدافع الشرف، «زهرة العزو» التي ذبحت على يد شقيقها، ترقد اليوم في قبرها.
وتتلخص قضية «زهرة العزو» ذات الـ16 عاماً، بأنها اختطفت من قبل أحد أصدقاء العائلة، ثم أودعت في معهد للتربية الاجتماعية بهدف إعادة تأهيلها، وبعد أن كتب والدها تعهداً بعدم التعرض لها بعد خروجها من المعهد، زفت إلى ابن خالتها بموافقة ومباركة ذويها، ولكن بعد زواجها بأشهر، قام أخوها بقتلها وهي نائمة بدافع غسل العار، ليأتي حكم القاضي بتبرئة المتهم وفق القرار رقم 484 تاريخ 29/10/2009 بتجريم المتهم «فايز العزو» بجناية القتل العمد بدافع الشرف، وفق المادة 533 عقوبات عام بدلالة المادة 192 عقوبات، ومعاقبته لأجل ذلك بالاعتقال ثلاث سنوات، وللأسباب المخففة التقديرية، تخفف العقوبة إلى سنتين ونصف، تحتسب منفذة من خلال مدة توقيفه، وإطلاق سراحه فوراً ما لم يكن موقوفاً بجرم آخر.
رئيس مرصد نساء سورية «بسام القاضي»، قال: «مرصد نساء سورية أطلق هذا اليوم رداً على الحكم الجائر الذي أصدره القاضي بحق قاتل «زهرة العزو»، ونحن نسعى من خلال هذا اليوم إلى التأكيد على أن تلك الجريمة عالمية وليست على المستوى المحلي فقط، ومهما اختلفت تسميات الجريمة بين الدول، فهي تعبر بالنهاية عن السطوة الذكورية على النساء»، مضيفاً: «عام 2009 هناك 57 جريمة شرف أعلنتها الحكومة بشكل رسمي، ولكن تقديراتنا تشير إلى أن الأرقام أعلى من ذلك، وبالتالي تحتل سورية المرتبة الأولى عالمياً بلا منازع في ارتفاع نسبة جرائم الشرف، وهذا عار كبير على وجه سوريا».
هذا وأجرى المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر، دراسة عام 2015، أفادت بأن 70% من جرائم الشرف لم تقع في حالة تلبس، وإنما اعتمد مرتكبوها على الشائعات، وهمسات الجيران والأصدقاء بشأن سلوك المجني عليها، وأوضحت الدراسة أن تحرِيات المباحث في 60% من هذه الجرائم، أكدت سوء ظن الجاني بالضحية، وأنها كانت فوق مستوى الشبهات.