ليست كل علاقات الصداقة حقيقية ونقية، ولا يُكشف قناع الصداقة المزيف إلا حين يدخل المال والتنافس بين الأصدقاء، فيكشف الطيب والشرير من بينهم، وهذا ما حصل بين صديقين وشريكين بتجارة الأثاث في فرنسا، فتك صديق بصديقه وشريكه غدراً وأطعم جثته بوحشية وبرودة أعصاب لا تصدق للكلاب.
وادعى حين كشف أمره في المحكمة أنه ارتكب جريمته تحت تأثير الكحول، إلا أنّ المحكمة لم تقتنع بكلامه، خاصة أن الأدلة كلها تشير إلى ارتكابها عمداً مع سبق الإصرار والترصد.
وكشفت الواقعة والجريمة البشعة للرأي العام الفرنسي حين أصدرت محكمة سيان حكماً بحبس شاب فرنسي «38 عاماً»، بالسجن المشدد 20 عاماً، بعد إدانته بقتل صديقه «عمداً» وإطعام جثته للكلاب، ولم تلتفت المحكمة لدفاع المتهم الذي دفع بعدم وجود «ركن العمد» وراء الجريمة مدعياً أنه كان في حالة سكر، حيث أثبتت التحقيقات والبحوث الأمنية أن الجاني قتل صديقه الذي يقيم معه في شقة مستأجرة بالمدينة بسبب خلافات مالية، وأنه خطط لجريمته ونفذها متعمداً إزهاق روح المجني عليه بدافع الانتقام، وفقاً لما أورده موقع «البيان».
وقال جان لوك أوزون، محامي أسرة المجني عليه، إن المجني عليه «فرنسوا.ك» 42 عاماً كان شريكاً للجاني «موكي.ب» في تجارة الأثاث والديكورات المنزلية والمنشآت السياحية والصناعية منذ العام 2012. وكانا يجنيان الكثير من الأرباح، وكان الجاني يسكن في مدينة سيان - شمال غربي - في شقته «مسرح الجريمة»، في حين كان يسكن المجني عليه في مدينة باريس، وكان دائم التنقل بين باريس وسيان بغرض العمل، ومنذ عام تقريباً بدأت الخلافات بين الشريكين بخصوص الأرباح والماديات الخاصة بالعمل، ازدادت في حدتها قبل الجريمة بشهرين تقريباً، عندما هدد المجني عليه شريكه «الجاني» بتقديم مستندات تدينه بالسرقة وخيانة الأمانة للنيابة أمام 4 من العاملين معهما في الشركة، فطلب الجاني مهلة لتسوية الأمر ورد الأموال، لكنه لم يستطع تدبير الأموال أو تسوية الوضع.
وأضاف أوزون، تكررت الخلافات أكثر من مرة، وفي يوم الجريمة الموافق 21 مارس (آذار) الماضي، كان المجني عليه فرنسوا قد انتقل من باريس إلى سيان لمتابعة بعض الأعمال، فطلب الجاني منه الإقامة لديه في المنزل، حيث كان يقيم بمفرده، وتحجج بمراجعة الحسابات وتسوية الوضع المالي أو النزاع المالي بينهما، فوافق المجني عليه وتوجه للمبيت في شقة صديقه، وفي وقت متأخر من الليل نشب شجار بينهما فاستل الجاني سكيناً من المطبخ وقام بطعن المجني عليه ثلاث طعنات نافذة في الصدر أسقطته صريعاً في الحال، فأخرج الجاني جثة المجني عليه لحديقة المنزل وأطلق كلبين يربيهما أحدهما شرس وتركهما ينهشان الجثة، وفي الصباح اكتشف عامل نظافة الجثة من خلف السور الخارجي للحديقة فأبلغ الشرطة التي توجهت فوراً لمعاينة المكان ووقفت على تفاصيل الجريمة.
وأضاف محامي الضحية، أمام المحكمة، حاول دفاع الجاني الدفع بأن الجريمة وقعت تحت تأثير الكحول، بهدف الهروب من الحكم المشدد، وأفاد الجاني أمام النيابة - على خلاف الحقيقة - بأنه لا توجد أي خلافات بينه وبين المجني عليه في محاولة لإخفاء الدافع، لكن التحقيقات والبحوث الأمنية أثبتت وجود خلافات مالية بشهادة الشهود، وتهديد المجني عليه للجاني أمام جمع من العاملين معهم بإبلاغ النيابة، ومن ثم تم إثبات الدافع، أما حالة السكر فقد تبين من فحص جثة المجني عليه عدم وجود آثار للكحول، وبالتالي فإن الدفع بأن الجريمة وقعت تحت تأثير الكحول استبعدته المحكمة، لاسيما أن تقارير الملاحظة الطبية للجاني أكدت أيضاً أنه مسؤول عن تصرفاته، وأنه في حالة نفسية مستقرة، ومن هنا أصدرت المحكمة حكمها بالسجن المشدد 20 عاماً، ولا مجال لتخفيف الحكم خلال درجات التقاضي القادمة.