«العمل الخلاق ليس للشباب فقط»، مقولة أثبتت قرية يابانية معظم سكانها من كبار السن المتقدمين بالعمر صحتها، وصواب مطلقها الذي لا بد أن إيمانه بقدرات الكبار على العمل والإبداع مستمرة، ما دامت قلوبهم تخفق بنبضات الحياة والأمل.
وقد أكدت دراسات طبية كثيرة، وشهادات معمرين ومعمرات، أن العمل المستمر أحد أسباب قوة الجسد وزيادة مقاومته لأمراض الشيخوخة التي لا بد منها، كما أنه يطيل العمر الافتراضي لصاحبه المسن أو المسنة.
وممكن لكبار السن إيجاد عمل يناسب قوتهم وقدراتهم وأعمارهم، شرط تفتح عقل وفكر رجال الأعمال، واستثمارهم في أعمال ملائمة لهم تحميهم من الفقر والحاجة.
وتوصلت بلدة كاميكاتسو في محافظة توكوشيما غربي اليابان، لابتكار طريقة تواجه بها مشكلة السكان المتقلصين عدداً والمتقدمين عمراً، فلجأت إلى أوراق الشجر للحفاظ على استمرارية دوران عجلة الاقتصاد.
وخطرت الفكرة أولاً لرجل الأعمال الياباني توموجي يوكيوشي الذي وضع مخططاً يقضي ببيع أوراق الأشجار الجميلة التي تملأ المنطقة إلى كل المطاعم الفاخرة في اليابان التي تعتمد الأوراق متعددة الألوان في تزيين أطباقها. وهكذا تأسست شركة «إيرودوري»، وفقاً لموقع «البيان».
وينهمك المزارعون المحليون، ومعظمهم من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين الستين والثمانين، في قطاف أكثر من 300 نوع من الأوراق. وهم لا يستفيدون من تحصيل دخل وحسب، إذ يطورون مهاراتهم التكنولوجية من خلال استخدام الحواسيب والأجهزة اللوحية لملء الطلبات.
وتقول يوكيو نيشيكايج، البالغة من العمر 82 عاماً: «لقد ولدت وترعرعت في كاميكاتسو، وأقوم بقطف الأوراق وجمعها منذ 28 عاماً. ولم أكن أملك يوماً هاتفاً متحركاً لكنه أصبح اليوم ضرورة. لقد بذلت جهداً في التعلّم وأصبحت أجيد استخدامه تماماً اليوم.
هذا ويبدأ المزارعون بتلقي الطلبيات يومياً ابتداءً من الساعة الثامنة صباحاً، بعدها ينطلقون إلى الحقول لبدء القطاف. ويحاولون التسليم في الأوقات المحددة على الدوام. وتضيف نيشيكايج بالقول: «لا بدّ من التفكير في الأسعار ووقت التحضير عند تلقي الطلبيات، ولا وقت للإضاعة. لكن الأوراق جميلة وخفيفة ولا أفكر بالتقاعد».
مرّ وقت تخوّف فيه أبناء كاميكاتسو بأن يتركوا أسر الجبال المحيطة وعجز السنين، لكنهم أثبتوا اليوم أنهم قادرون على الاكتفاء والعيش برفاه.