رثاها الشعراء والكتّاب وبكاها المواطنون ...أثار موتها موجة من التعاطف ممزوجا بالغضب، هي الفتاة الصغيرة مها القضقاضي ذات الـ 11 ربيعًا التي توفّت مساء الثلاثاء الماضي بإحدى القرى المعزولة بمنطقة الشمال الغربي، وتحديدًا بمنطقة فرنانة بمحافظة جندوبة (160 كلم شمال غرب تونس العاصمة).
منتصف نهار الثلاثاء وبينما كانت الأرصاد الجوية تصدر نشراتها التحذيرية لتنبيه المواطنين بضرورة ملازمة الحذر والابتعاد عن مجاري المياه والأودية حملت مها محفظتها المهترئة وغادرت قسمها، نظرت إلى السماء الملبدة بالغيوم ولم تعرها بالاً فقد تعودت على رؤيتها بهذا المنظر منذ وعت على الحياة، فهناك بالمنطقة النائية التي تعيش بها لا يخشى المتساكنون تساقط الأمطار بكثافة وفيضان الأودية لأن ذلك جزء من شتائهم المعتاد.
لم تكن مها تدري أن وزارة التربية أصدرت بلاغًا عاجلاً صباح ذلك اليوم، أعلن فيه بشكل مستعجل تعليق الدراسة بكل مدارس المحافظات التي يتوقع في أن تشملها الأمطار الغزيرة التي قد تؤدي إلى حدوث فيضانات.
ودعت مها صباح ذلك اليوم والدها المقعد، ووالدتها وغادرت منزلها الذي يشبه حياتها البائسة، لم يكن سوى غرفة وحيدة لا يحمي سقفها سكانها من أذى الأمطار، ولم تكن تدر أن ذلك الوداع هو الوداع الأخير.
كان المطر ينزل بغزارة صباح ذلك اليوم وارتفع منسوب المياه بالوادي الذي تعوّدت الفتاة على المرور به كل يوم في طريقها الطويل للمدرسة.
بكلّ شجاعة وبراءة شرعت في اجتيازه لكن القضاء شاء أن تجرفها سيوله على مرأى من شقيقتيها اللتان كانتا ترافقانها.
وبعد ساعات من البحث عثر على جثة الفتاة حسب ما ذكرت مصالح الحماية المدنية بالجهة.
وتعهّد محافظ المدينة ببناء مسكن لعائلة التلميذة كما تعهد بتمكينها من دفتر علاج مجاني.
وتناقلت أغلب وسائل الاعلام في تونس خبر وفاة التلميذة غرقا و تأثّر له المعلقون على صفحات التواصل الاجتماعي الذين نشروا صورة مها و كانت تبدو فيها طفلة جميلة ذات عينين تتقدان ذكاء و اعتبروا أنّ ما حصل معها هو نتيجة اهمال الدولة لهذه الفئة من الفقراء الذين يقطنون المرتفعات النائية و يضطر أطفالهم يوميا للسير على الأقدام عشرات الأميال كي يصلوا إلى مدارسهم في غياب طرقات مهيئة ووسائل نقل تقلهم إليها و تجنبهم ويلات مسالكها غير المعبدة.
حكاية الفتاة التي أبكى موتها التونسيين
- أخبار
- سيدتي - دغراش
- 14 نوفمبر 2019