خلف النوافذ والسَّتائر والأبواب، كم من أسرة انقلبت فيها الآية لتصبح المرأة هي من تكدح وتعمل من أجل الإنفاق على المنزل، في حين يجلس الرَّجل يأمر وينهي ويطلب. وقد يتَّخذ بعض الرِّجال رداء الحب والعشق والقدرة على تحقيق الإشباع العاطفيّ لزوجاتهم حتى يقدِّمن لهم ما لديهنَّ من أموال عن طيب خاطر أو اضطراراً.
فضل أموال النساء
بدايةً يرى المستشار الأسريّ عبد الرحمن القراش أنَّه ثمَّة ظاهرة مؤسفة في المجتمع السعوديّ، وأنَّ شوارب بعض الرِّجال قد طالت بفضل أموال نسائهم، ويؤكِّد على أنَّ الحب بريء من الاستغلال الماديّ قائلاً: "للحب سحر ومذاق خاص يداعب النفس، ويذيب الهم، ويلهب الشوق، ويجعلك تطير بين أسراب الحمام، وتحلِّق بين هامات السحاب، فتصبح بلحظة حب واحدة شاعراً وأديباً، بل وسيماً وجميلاً تتقلَّب بين الأشواق والآهات، ولكن يبقى هناك ما يهدم تلك المشاعر النبيلة بين الرَّجل والمرأة، وهي المادة إذا أصبحت هي المحرِّك للحب بينهما، أو كانت وسيلة لجذب الطَّرف الآخر، أو وسيلة ضغط للحصول على الحب أو الحق الشرعيّ.
والحقيقة هنا أنَّ المرأة عندما تحب الرَّجل تعطي بلا حساب، ولا تفرِّق بين مالها الخاص ومال زوجها فتنفق عليه وعلى البيت بسخاء، خصوصاً إذا كان الزوج فقيراً، أو أقل منها دخلاً، أو حتى نصاباً، فهي بمجرَّد أن تشعر بتلك المشاعر تختلج داخلها فإنَّها تنسى كل إساءة وتقابلها بعطاء، ولكن بعض اﻷزواج يستغلون ذلك الحب النبيل من المرأة بغطرسة أو خيانة أو ابتزاز، وكثيرة هي القصص التي تؤكِّد ذلك، وبمرور السنين يصبح الحب ذكرى، ويتضاءل رويداً رويداً حتى يموت، ويصبح نسياً منسياً، بل يتحوَّل الحب إلى جحيم، وإلى زلزال عائليّ مدمر، وربَّما تكون المحاكم هي الفيصل بينهما بعدما تدرك المرأة مؤخّراً أنَّ الحب الممنوح لها مجرَّد جسر لحصول الرَّجل على أموالها واستغلالها".
وضع حد ّ منذ البداية
ينصح القراش النِّساء قائلاً: "يجب على المرأة منذ بداية حياتها أن تضع حداً للأمور الماليَّة مع الرَّجل؛ لأنَّه عندما يكثر الرَّجل الطَّلبات الماديَّة ويرهقها بها منذ بداية حياتهما فهذا يكون طريق للمساومة على أتفه الأمور في المستقبل، وربَّما يكون وسيلة ضغط واستغلال تمارس عليها، لذا يجب أن تكون المرأة على حذر منه، ويكون عطاؤها في حدود المعقول الذي لا يضرها، إلا إذا كان رجلاً شهماً محباً فلتقدِّم ما بيدها له في حال أنَّه مرَّ بضائقة مالية تستوجب المساعدة، إذ ليس هناك خوف عليها من الإهانة وذلّ السؤال".
ويعلِّق القراش على موقف الرِّجال عامَّة من أموال زوجاتهم قائلاً: "الرَّجل الحقيقيّ هو الذي يعدّ أنَّ مال المرأة للمرأة، وهو سيد البيت الذي يصرف وينفق ويقدِّم، وتلجأ إليه المرأة وتشعر برجولته، فتمارس أنوثتها معه، وتعيش جمال حياتها في حضنه حتى لو كانت موظَّفة، أمَّا الرَّجل العالة فعليه أن يعرف أنَّه لم يُخلق ليكون عالة، وهو بحاجة لمن يقول له: "بيدك أنت دون غيرك أن تصرف، وبيدك أن تنفق، وبيدك أن تتصرَّف كرجل، فعد إلى رشدك واترك عنك صفة الحقراء الذين لا يشكِّلون في الحياة إلا أصفاراً، ولا تتمسّح بممسوح الحب، وتلبس لباس الحمل الوديع لتدفع زوجتك إلى استلام دفة الإنفاق بدلاً منك، ولا تكن ذئباً كاسراً يستغل أنثاه لتحقيق مكاسبه".