أسواق العقارات السعودية تبدأ الصحوة وتعلن بداية تعافيها

تشير الكثير من المؤشرات إلى أنّ زمن المرحلة الصعبة في الأزمة المالية قد ولى _والحمد لله_، ويؤكد البعض أنّ الأسوأ قد جاء فعلاً, وانتهى على الأقل في منطقتنا العربية، وليس كما شاع في بداية العام أنّ الأسوأ لم يأتِ حتى الآن, وأنّ ما هو آت أخطر وأصعب بكثير ممّا مر، وللتأكيد على مقولة أنّ الأسواق فعلاً وخاصة سوق العقار تتجه نحو التعافي وحيث إنّ المعنيين بهذا النوع من الاقتصاد قد قاموا فعلاً برصد بعض الظواهر التي تنم عن بداية مرحلة جديدة _بإذن الله_ تعالى تكون بداية الشفاء التام.


لتأكيد أو نفي هذين الرأيين توجهنا للمهندس أسامة العتيبي الخبير العقاري في منطقة الخليج بشكل عام, وفي المملكة العربية السعودية بشكل خاص والذي عبّر عن وجهة نظره قائلاً:«إنّ هناك دلائل فعلية على تحسن سوق العقارات في المنطقة ككل وفي السعودية بالتحديد. وأنا شخصياً أقول إنّ أهم أسباب هذا التحسن تكمن في صعود أسعار النفط والتي تدعم بدون شك السوق العقارية، إذ إنّ المنطقة ككل تعتمد على النفط بشكل كبير في تحريك الاقتصاد الوطني وقطاعاته.

حيث تؤدي أسعار النفط المرتفعة بالعادة إلى توافر سيولة نقدية كثيفة تحرك الاقتصاديات المختلفة في الأسواق بشكل عام، وكما حدث بالسابق فقد قاد سوق العقارات الأسواق نحو الصعود والتضخم، وبما أنّ أسعار العقارات وصلت إلى أعلى مستوى لها مع وصول أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها  في يوليو/ تموز 2008، وانخفضت إلى أدنى مستوى مع انخفاض أسعار النفط كذلك فمن المنطقي أن تتجه للصعود مجدداً؛ وذلك لأنّ أسعار النفط تتجه نحو الاستقرار ضمن أسعار قد تكون مثالية إلى حد كبير، وبالتالي فمؤشرات عودة السوق العقارية إلى قوتها في المستقبل القريب موجودة وبقوة، ومن المتوقع أيضاً ألا تكون في ذروتها التي وصلت إليها في 2008، ولكنها بدون شك ستتحسن وسينمو التداول العقاري بشكل ملحوظ وبالشكل المطلوب.

 

فوائد الأزمة المالية:

ومن المهم جداً أن نعرف أيضاً أنّ من أبرز الدلائل على تحسن السوق هو امتصاص الصدمة الناتجة عن الأزمة العالمية، فالكثير من المستثمرين في بادئ الأمر تخوفوا كثيراً من الأزمة، وانطلقت هواجسهم ومخاوفهم لتصل لأبعد ممّا قد تصل إليه أي أزمة مالية أو حتى زلزال كوني، وبالتالي توقفوا عن الحركة تماماً، وأصيبوا بالشلل الكامل هم وأعمالهم ومشاريعهم حتى تلك التي كانت قيد الإنشاء أو التنفيذ، وعكفوا على الانتظار لرصد أي علامات مستقبلية قد تشير إلى نهاية الأزمة, وتحسن سوق العقار أو غيره من فروع أي نشاط اقتصادي، فلما رؤوا أنّ العقار في كثير من الأماكن بدأ فعلاً بالتحسن تشجعوا لدخول السوق من جديد بقوة في بيع وشراء العقارات».

 

تطور أسواق العقار في المنطقة:

 فيما يرى المهندس أسامة أنّ الاستثمارات تتجه إلى التطوير ويوضح ذلك بقوله:» بحسب ما نرى من واقع السوق فنحن وغيرنا من الشركات العقارية سعينا إلى التطوير العقاري بشكل واضح وملموس في الفترة الأخيرة كنوع من التعويض ومحاولة إرضاء المستهلك وتشجيعة للشراء.

 أصبح المستثمرون اليوم يبتعدون عن المضاربة في الأسواق؛ حيث كانت فيها الكثير من المضاربات وخاصة في أيام الطفرة العقارية، أما الآن فأرى كثيراً حتى من صغار المستثمرين يتجهون إلى التطوير العقاري، كما توجهوا إلى دخول السوق من غير أبواب العقارات، كالدخول في استثمارات مواد البناء، والمواد الغذائية، والألبسة وما شابه ذلك.

 حالياً هناك فئة بسيطة من المستثمرين الذين ينظرون إلى الاستثمار في الأراضي الخالية وبأنهم يمكنهم الحصول على فرصة جديدة من خلالها. وأقول لك بدوري إنّ هناك فرصاً ولو في بعض الأراضي خاصة في المناطق الاستثمارية التي هبطت بها الأسعار إلى حدود ربما تكون الأدنى نسبياً في مستوياتها خلال الأزمة الماضية والتي ربما ستكون أول المتعافيين.

لا يزال الكثير من المستثمرين يعزفون عن البيع أو الشراء لخوفهم من المزيد من الهبوطات أو الانتكاسات ولكن والعلم عند الله فمرحلة الاستقرار والاتزان التي مرت بها الأسواق مؤخراً تعتبر مؤشراً جيداً يمكننا الاعتماد عليه بشكل مؤقت ومحدود, ومحاولة الدخول واغتنام الفرصة قبل زوالها وعودة الأسعار إلى سابق عهدها, أو على الأقل ضياع الفرص المشجعة للدخول».

وعن توقعاته لأسواق العقارات حتى نهاية 2009 يقول المهندس أسامة: أرى أنّ هناك بعض المؤشرات التي تدل على أنّ أسواق العقار ستتحسن، ولا نقول بأنه سيرجع إلى سابق عهده، ولكن سيكون هناك تصحيح لبعض الأسعار، وأقول وأؤكد حتى في زمن الطفرة العقارية وقبل الأزمة المالية العالمية لم تكن الأسعار صحيحة، وكانت هناك مبالغة فيها، ولكن للأسف فهذا هو واقع العقار إذا دخل فيه المضاربون.

أتوقع في المرحلة القادمة أن يكون هناك توجه كبير للاستثمارات العقارية، وحتى للمضاربات من جديد، ومن يملك السيولة الآن سواء من المستثمرين الكبار أو الشركات المالية أو البنوك سيكون المستفيد من انخفاض أسعار الأراضي والعقارات، وتحسن أسعارها في المستقبل القريب، فالجميع يعتقد ويتوقع  بعد انتهاء الأزمة أنّ هناك إمكانية لرجوع أسعار الأراضي والعقارات إلى قوتها، وهناك مؤشرات تؤكد بدء تعافي العقار، وبوادر انتعاش يدعمه ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية».