التخصص ضمان للاستمرار وتسويق بأقل التكاليف

يقول محمد بن يوسف الشمري، الاستشاري في العلاقات الاقتصادية الدولية، والمتخصص في الاقتصاد الخليجي والمحلي: إنّ متطلبات الاستثمار الناجح والذي يقل وجوده في الدول العربية بشكل عام ودول المنطقة بالتحديد، وأركز هنا على قول إنه يقل فقط، بمعنى أنه موجود ولكن بشكل قليل، هو التخصص، والمقصود بالتخصص أن تتميز أسواقنا بمنتجات لا يضاهيها أي سوق بالعالم من حيثُ الجودة أو من حيثُ الأسعار، وبما أننا لسنا من الدول التي تتميز بكثرة المواد الأولية من ناحية أو بانخفاض تكاليف وأجور الأيدي العاملة من ناحية ثانية، فلابد أن يكون التميز بالجودة، كما أنّ من أهم أولويات العمل الناجح حسن وسرعة التواصل مع فريق العمل، ليستطيع بذلك المشرف أو المشرفة على العمل عندما تسمح له الظروف الخوض في أي مشكلة ومحاولة حلها وتطوير هذا الحل إن تطلب الأمر.


 

 

يمكن ملاحظة أنّ هناك أسواقا ودولاً على مستوى العالم تمتلك سلعًا لا تستطيع أي دولة أخرى أن تنافسها فيها، فعلى سبيل المثال لو ناقشنا موضوع القهوة بالبرازيل، أو العطور في فرنسا وهولندا، أو الأجبان في الدانمارك، وغيرها وغيرها من المنتجات التي نستهلكها ويستهلكها الإنسان أينما وُجد، لوجدنا أنّ هذه الأسواق هي فعلاً أسواق تتميز بهذه المنتجات، وليس هناك من يستطيع منافستها من حيثُ الجودة، حتى تلك الأسواق التي تنتج منتجات مشابهة وبأسعار أقل، وبالتالي فإننا نستطيع القول إنّ هذه الدول وهذه الأسواق قد تخصصت بمنتج معين، بحيث أصبحت الأفضل به على مستوى العالم ككل، ووصل بها الحال أن تضمن استثمارًا ناجحًا ومستمرًا حتى في أحلك الظروف الاستثمارية، كما حدث في الفترة السابقة، فعلى الرغم من تضرر الأسواق بشكل عام، إلا أنّ هذا النوع من الاستثمارات في هذه الدول استمر حتى وإن تأثر.

وهذه هي الرسالة التي نطمح في إيصالها إليك، فما ينطبق استثماريًا على الدول، ينطبق من حيثُ المفهوم والنظرية على كل استثمار، مهما كان صغيرًا، ونستطيع أن نمارسه مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف المحيطة بك وباستثمارك.

 

كيف تصلين إلى التخصص؟؟!

إنّ الوصول إلى التخصص ليس بالصعوبة التي تظنينها، فالقضية أبسط من ذلك بكثير، وهي لا تحتاج بالدرجة الأولى سوى لبعض الوقت والمجهود الإضافيين، فعلى سبيل المثال لو أنك تتطلعين لتأسيس مصنع لمواد التجميل، أو أنك تمتلكين هذا المصنع أو المشغل، فما المانع أن تركزي على خدمة معينة أو منتج معين بحيث تصلين به لأفضل المواصفات ولأفضل الأسعار من ناحية ثانية؟ ولماذا لا يكون عندك مثلاً منتج لإزالة البثور من الوجه يحتوي على مواصفات غير متوافرة بغيره؟ أو أن تقدمي خدمات في مشغلك لا يستطيع أن يقدمها أحد بنفس الجودة؟ ربما يحتاج منك هذا لمزيد من الوقت والمجهود للنهوض بمنتجك، ولكن تأكدي تمامًا أنّ وصولك بالمنتج أو الخدمة لهذه المرحلة وتسجيل اسمه بالسوق ولدى المستهلكين على أنه منتج جيد، سيساعد على تسويقك لأغلب منتجاتك الأخرى، بمعنى أنّ ثقة المستهلك بالمنتج ستحمله على تجريب بقية المنتجات التي تحمل نفس الاسم،

 وذلك لثقته بجودة المنتج والخدمة التي حصل عليها بالسابق، وهكذا تكونين قد قمت بتأمين مبيعاتك من خلال المنتج المميز بالإضافة لتسويقك لبقية منتجاتك الأخرى دون أن يتطلب منك ذلك المجهود نفسه.

 

كيف تستفيدين من هذا التخصص؟؟!

يقول الخبير الاقتصادي: «إنّ الوصول إلى التخصص مهم للغاية، والذي يضاهيه بالأهمية هو المحافظة على التخصص وتطويره، بالإضافة للاستفادة من هذا التخصص، وهناك الكثير من الشركات المتخصصة تسعى لترويج منتجها الجيد والذي يحمل أعلى المواصفات بأرباح قليلة جدًا، وأحيانًا دون أي أرباح، علمًا بأنّ المنتج الجيد تستطيعين بيعه بأرباح جيدة، خاصة إذا ضمنت عدم المنافسة، وهذا لكي تستفيد، أي الشركات، من تسويق منتجات أخرى تحمل نفس العلامة التجارية على حساب ثقة المستهلك بالمنتج الجيد، كما وأنك -كما قلنا بالسابق- وببساطة تؤمنين مبيعاتك، حتى وإن لم يكن لديك منتجات أخرى، فالطلب المستمر على منتجك المتميز بإمكانه -وإن قلّت الأرباح- أن يحقق لك استثمارًا جيدًا، حتى في الظروف السيئة، ولكي تحافظي على تميزك، فعليك دومًا أن تضعي مسافة فارقة وثابتة بينك وبين المنتجات الأخرى المشابهة تتفوقين بها عليهم، فاحرصي وباستمرار على مواكبة كل ما هو جديد وله علاقة بمنتجك، وطوري هذا المنتج بحيث يلامس دومًا أذواق المستهلكين الذين يتعاملون به، ولا تنسي أن تغيري من الشكل العام للمنتج بحيث لا يصاب المستهلك أو المستهلكة بالملل منه، فالتطوير أيضًا من سبل الاستثمار الضرورية، مع التأكيد على الحفاظ على الخط العام لهذا المنتج، وها نحن نرى الأمثلة حية أمامنا وكثيرة، فالعديد من المنتجات الناجحة جدًا والتي نقوم باستعمالها باستمرار، يقوم القائمون عليها بتطويرها من وقت لآخر، ويقومون أيضًا بتطوير عبواتها أو طرق تغليفها، وتغيير أشكالها، بحيث تصبح طرق استعمالها أسهل وأجمل في الوقت ذاته، كما يحاولون أيضًا أن يجعلوا العبوة ذات فائدة ليستفيد منها المستهلك حتى بعد نفاد المنتج، مما يساعد على زيادة رغبته في تملك هذه العبوة حتى وإن لم يكن بحاجة للمنتج أحيانًا».